يوم الفلسفة أتى من المغرب

23:00 مساء
قراءة دقيقتين

 

تحتفل الأوساط الثقافية والفكرية والأكاديمية في العالم في الخميس الثالث من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام، والذي صادف هذا العام يوم أمس، باليوم العالمي للفلسفة.
ليس الكل يعلم أن فكرة تخصيص يوم عالمي للفلسفة أتت من بلد عربي هو المغرب، ومن إحدى مؤسسات المجتمع المدني فيه المشتغلة بالشأن الفلسفي فيه، هي «جمعية أصدقاء الفلسفة»، التي خاطبت المنظمة العالمية للثقافة والتربية والعلوم «يونيسكو» في نهاية فعالية كانت الجمعية تقيمها في عام 2004، مقترحة عليها تخصيص مثل هذا اليوم.
راقت الفكرة للمسؤولين في «اليونيسكو»، لكن ثمة عقبة إجرائية كان لا بد من تذليلها واجهت المقترح، هي أنه آتٍ من جمعية أهلية، لا من جهة رسمية، هي في حالنا هذه، وزارة الثقافة بالمغرب، التي وافقت بعد اتصالات، على تبني الاقتراح رسمياً، وعرض على أول اجتماع للمجلس التنفيذي للمنظمة التي أقرّته، واعتمدت يوم الخميس الثالث من هذا الشهر ليكون يوماً عالمياً للفلسفة.
أمر يبعث على الفخر أن تأتي فكرة تكريم الفلسفة بتخصيص يوم عالمي لها من بلد عربي، وليس غريباً أن يكون المغرب هو هذا البلد العربي، بما له من إرث فلسفي عميق، تضافرت في تكوينه ينابيع مختلفة أبرزها الينبوع الأندلسي بطبيعة الحال، حيث يحتضن تراب المغرب رفات فيلسوفنا الكبير ابن رشد الذي نفي من الأندلس بعد الحرب الشعواء التي شنّها الجهلة من خصومه عليه.
والمغرب ليس ماضياً فلسفياً فحسب، وإنما هو راهن فلسفي أيضاً، بالنظر إلى الأسماء المهمة التي قدّمها للفكر والفلسفة في العالم العربي من المشتغلين بالفلسفة، وعٌرفوا بإضافاتهم المهمة للمشهد الفكري العربي المعاصر، ومهمٌ أن يأتي المقترح المذكور من المجتمع المدني المغربي، فتلك شهادة على حيويته وعمق انشغالاته.
وسعدت، قبل يومين، بحضور حلقة نقاشية ثرية شاركت فيها وجوه بارزة من أهل الفلسفة المغاربة، أقامتها افتراضياً «جمعية أصدقاء الفلسفة» صاحبة المقترح، ضمن حلقاتها التنويرية «الرٌشديون الجُدد»، على منصة «جنان أركَانة»، الثقافية، وأقيمت بالتزامن مع العيد الوطني للمغرب.
يمرّ يوم الفلسفة العالمي هذا العام في خضم معاناة العالم من جائحة «كورونا»، وهذا ما حدا ب «اليونيسكو» للمطالبة بأن يكون هذا اليوم حافزاً للعالم إلى الوقوف على دلالات الجائحة وسبر أغوارها، ويُبرز الحاجة إلى التمتّع ببُعد نظرٍ فلسفيّ للخروج من الأزمات العديدة التي نشهدها، لأن «كورونا» تثير شكوكاً وتساؤلات بشأن العديد من جوانب حياة مجتمعاتنا، وتؤكد الحاجة لاعتماد الفكر النقدي سبيلاً لتشخيص الأزمات وسبل حلها.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"