ثقافة التقدير

23:05 مساء
قراءة دقيقتين

د.باسمة يونس

ماذا نريد من طلابنا؟ هل نريدهم أن يكونوا طلاباً جيدين في الصف الثاني، أو الثالث، أوأن يحبوا التعلم مدى الحياة، هل نعرف ما نريد تقديمه لهم على المدى الطويل، وهل تعرفنا إلى شغفهم، وتواصلنا مع عالمهم؟

لو فعلنا ذلك، هل نحتاج إذاً، إلى مكافأتهم، أو تقديرهم، لتحفيزهم؟ وهل نتفق مع جورج كوروس مؤلف كتابي «عقلية المبتكر»، و«الابتكار في الصندوق»، بأن الجوائز تفقد بريقها في نهاية المطاف بعد حصول الطلاب عليها، وتضر في كثير من الأحيان الذين لم يحصلوا عليها؟ وهل نتفق مع ما تقوله ألفي كوين مؤلفة «مخاطر المكافآت» بأن القيم الجيدة يجب أن تنمو من الداخل إلى الخارج، والتقديرات المرتفعة ما هي إلا محاولات للتدخل في عملية بناء القيم واختصار طريقها بتقديمها للأطفال الذين سبقوا غيرهم؟

وهل تساءلنا لماذا تعتبر هذه الدراسات المكافآت والتقديرات عقوبات، فهي ليست ضرورية عندما تكون المناهج الدراسية جذابة ضمن منظومة تعلمية متكاملة وقادرة على إلهام الطلاب الاهتمام بالاكتشاف والأبداع؟

وهل نعلم بأنه لا يوجد نظام تصنيف مثالي، أو هيكل علامات يمكن الاعتماد عليه لتصنيف الطلاب، ما يجعلنا نعيد النظر بأهمية العلامات لتمييز الأفراد، ولماذا لا نزال نعتمد عليها؟ لماذا إن حصل طالب على درجة واحدة أقل من درجة قرينه لن ينال التقدير، وفي أسوأ الأحوال سيقوم المعلم إما برفعه درجة ليحصل على التقدير، أو خفضه درجة ليبعده عنه تماماً، فهل ما نتطلع إليه في تعليم أبنائنا السعي من أجل الحصول على الدرجات التي تتناسب مع التقدير، أم التعرف إلى نقاط ضعفهم، وقوتهم، وما يحتاجون إليه؟

وماذا عن شغف الطلاب في مجال الفنون الجميلة، على سبيل المثال، بينما المدرسة لا تكف عن اعتبارها غير مهمة، ويذهب التقدير إلى من يحصلون على الدرجات المرتفعة في المواد العلمية فقط؟ ماذا لو أبلغ الطفل معلمه أنه يعشق الفنون، وعرض عليه لوحة فنية رائعة تبشر بموهبة لا يمكن تجاهلها، لكن المعلم يخبره أنه، وبسبب عدم حصوله على علامة تزيد على 69 في الرياضيات، قد اثبت عدم أحقيته في النجاح، والتقدير؟

وكيف يصنف الآباء أبناءهم في المنزل، ومن الذي يحصل على التقدير؟ هل هو الطفل الرسام، أم صائد الدرجات المرتفعة في العلوم؟ هل يخبرون أطفالهم الذين أنجزوا عملاً فنياً رائعاً أنهم مميزون، أم أن المميز هو من حصل على أعلى درجة في الفصل؟ وماذا فعلنا حتى الآن من أجل تأمين بيئة آمنة وعادلة للاثنين؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتبة ومستشارة في تنمية المعرفة. حاصلة على الدكتوراه في القيادة في مجال إدارة وتنمية المواهب وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ورابطة أديبات الإمارات. أصدرت عدة مجموعات في مجالات القصة القصيرة والرواية والمسرح والبرامج الثقافية والأفلام القصيرة وحصلت على عدة جوائز ثقافية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"