عادي

عذب الكلام

23:14 مساء
قراءة 3 دقائق
3

إعداد: فواز الشعار

لُغتنا العربيةُ، يُسْرٌ لا عُسْرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئَ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحةِ على فضاءاتٍ مُرصّعةٍ بِدُرَرِ المَعْرفَةِ.

وإيماناً من «الخليج» بدورِ اللغةِ العربيةِ الرئيسِ، في بناءِ ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاويةً أسبوعيةً تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أمّ اللغات

في البلاغَةِ، الجمعُ والتّقْسيمُ: وهو أن يجمعَ بينَ متعدّدٍ ثمّ يُقسّمُ ما جمعَ، أو يُقَسِّمُ أولاً ثمّ يَجْمعُ، فالأولُ كقول المتنبّي:

حتّى أقام على أرْباضِ خَرْشَنَةٍ 

تَشْقى بهِ الرّومُ والصُّلْبانُ والِبيَعُ

للرّقِّ ما نَسلوا والقَتْلِ ما وَلدوا 

والنَّهْبِ ما جَمعوا والنّارِ ما زَرعوا

والثاني كقول حسّانَ بنِ ثابت:

قوْمٌ إذا حاربوا ضَرّوا عَدُوَّهُمُ 

أو حاولوا النّفْعَ في أشْياعِهِمْ نَفعوا

سَجِيَّةٌ تِلْكَ فيهمْ غَيْرُ مُحْدَثةٍ 

 إنَّ الخلائقَ - فاعْلَمْ - شَرُّها البِدَعُ

دُرر النَّظم والنَّثر

سَلي الرِماحَ

صفي الدين الحلّي (بحر البسيط)

 سَلي الرِماحَ العَوالي عَنْ مَعالينا

وَاِستَشهِدي البيضَ هَلْ خابَ الرَّجا فينا

وَسائِلي العُرْبَ وَالأَتراكَ ما فَعَلَتْ

في أَرضِ قَبْرِ عُبَيدِ اللَهِ أَيْدينا

لَمّا سَعَيْنا فَما رَقَّت عَزائِمُنا

عَمّا نَرومُ وَلا خابَتْ مَساعينا

يا يَومَ وَقعَةِ زَوراءِ العِراقِ وَقَدْ

دِنّا الأَعادي كَما كانوا يَدينونا

بِضُمَّرٍ ما رَبَطناها مُسَوَّمَةً

إِلّا لِنَغزو بِها مَنْ باتَ يَغزونا

وَفِتيَةٍ إِنْ نَقُلْ أَصغَوْا مَسامِعَهُم

لِقَولِنا أَو دَعَوناهُم أَجابونا

قَومٌ إِذا اِستُخصِموا كانوا فَراعِنَةً

يَوماً وَإِن حُكِّموا كانوا مَوازينا

تَدَرَّعوا العَقلَ جِلباباً فَإِن حَمِيَت

نارُ الوَغى خِلتَهُم فيها مَجانينا

إِذا اِدَّعَوا جاءَتِ الدُنيا مُصَدِّقَةً

وَإِن دَعَوا قالَتِ الأَيّامُ آمينا 

إِنّا لَقَومٌ أَبَتْ أَخلاقُنا شَرَفاً

أَنْ نَبتَدي بِالأَذى مَن لَيسَ يُؤذينا

بيضٌ صَنائِعُنا سودٌ وَقائِعُنا

خُضْرٌ مَرابِعُنا حُمرٌ مَواضينا

لا يَظهَرُ العَجزُ مِنّا دونَ نَيلِ مُنىً

وَلَو رَأَينا المَنايا في أَمانينا

من أسرار العربية

في صِفَاتِ الأحْمَقِ: إِذَا كَانَ بِهِ أَدْنَى حُمْقٍ وَأَهْوَنُهُ: أَبْلَهُ‏.‏ فإِذَا زَادَ مَا بِهِ مِنْ ذلكَ وانْضَافَ إِلَيْهِ عدَمُ الرِّفقِ في أَمُورِهِ: أَخْرَقُ‏.‏ فإذا كَانَ بِهِ مَعَ ذَلِكَ تَسَرُّع: أَهْوَجُ‏.‏ فإِذا لم يكنْ لهُ رَأْيٌ يُرْجَعُ إِليهِ: مَأْفُونٌ وَمَأفُوكٌ‏ٌ.‏ فإذا كَانَ كَأَنَّ عَقْلَهُ قَدْ أَخْلَقَ وَتَمَزَّقَ فاحْتَاجَ إلى أنْ يُرقَّعَ: رَقِيعٌ‏.‏ فإِذَا زَادَ عَلَى ذَلكَ:َ مرْقَعان وَمَرْقَعَانَة‏ٌٌ.‏ فإذا زَادَ حُمْقُهُ: بُوهَةٌ ويَهْفُوفٌ‏.‏ فإذا كَانَ مُشْبَعاً حُمقاً: عَفِيكٌ ولَفِيكٌ.

في الكِبْرِ وتَرْتِيبِ أوْصَافِهِ: رَجُل مُعْجَب‏.‏ ثُمَّ تائِهٌ‏.‏ ثُمَّ مَزْهُوٌّ ومَنْخُوٌّ، مِنَ الزَّهْوِ والنَّخْوَةِ‏.‏ ثُمَّ بِاذِخٌ مِنَ البَذَخِ‏.‏ ثُمَّ أَصْيَدُ إذا كَانَ لا يلتَفِتُ يَمْنَةً وَيسْرَةً مِنْ كِبْرِهِ‏.‏ ثُمَّ مُتَغَطْرِف، إذا تَشبَّهَ بالغَطَارِفَةِ كِبْراً‏ (الغِطريفُ هو السيّدُ الشريفُ السخيُّ).‏ ثُمَّ متَغَطْرِس، إِذَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ‏.

هفوة وتصويب

يخطئ كثيرٌ من الناس فيقولون: «وارْتقى المغامرُ الهَضَبةَ» فيحرّكون الضّادَ بالفَتْح، وهي خطأ، والصَّوابُ بتسكينِها؛ فالهَضْبَةُ: كلُّ جَبَلٍ خُلِقَ منْ صَخْرةٍ واحدةٍ؛ وقيل: كلُّ صَخْرةٍ راسيةٍ، صُلْبةٍ، ضَخْمةٍ: هَضْبةٌ؛ وقيل: الهَضْبةُ والهَضْبُ الجَبَل المُنْبَسِطُ، يَنْبَسِطُ على الأَرض؛ وقيل أيضاً: هي الجبلُ الطويلُ، المُمْتَنِع، المُنْفَرِدُ، ولا تكون إِلّا في حُمْرِ الجبال، والجمع هِضابٌ، وهَضْبٌ، وهِضَبٌ. وهَضَبَتِ السّماءُ: دامَ مَطَرُها أَياماً لا يُقْلِعُ.

ويقول آخرون «وكان الأمرُ على وَشَكِ الانتهاء» بفتحِ الشّين. وهي خطأ، والصوابً تسكينُها؛ والوَشِيك: السريع. أَمْرٌ وَشِيكٌ: سريع، وَشُكَ وَشاكةً ووَشَّكَ وأَوشَكَ، ووَشْكُ البَيْنِ: سُرْعَةُ الفِراقِ. ويقالُ: عجبتُ من وَشْك ذلك الأَمر ووُشْكِهِ، بفتحِ الواو وضمّها؛ قال جرير:

إذا جَهِلَ الشَقيُّ ولمْ يُقَدِّرْ 

بِبَعْضِ الأمْرَ أوْشَكَ أنْ يُصابا

 أمثال العرب

 دَبَبْتُ للمجدِ والسّاعونَ قد بلغوا

جَهْدَ النُّفوسِ وألْقَوْا دُونَهُ الأُزُرا

لا تحسَبِ المَجْدَ تمْراً أنتَ آكلُهُ

 لنْ تبْلُغَ المَجْدَ حتى تلْعَق الصَّبِرا

البيتان لحَوْط بن رئاب الأسدي، «الصَّبِر» بكسر الباء: عُصارةُ شجرٍ مرٍّ. يضربان في ضرورةِ السَّعْي إلى المعالي، مَهما تكنِ العواقبُ والتّحديات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"