الاقتصاد الأمريكي لا يزال بحاجة للتحفيز

22:56 مساء
قراءة 3 دقائق
1

مايكل سترين *

المؤكد أن إصابات «كوفيد  19» آخذة في الارتفاع، لكن الضوء في نهاية النفق بات مرئياً، حيث تشير نتائج الاختبارات الأولية إلى أن اللقاحات التي تطورها شركتا فايزر وموديرنا، أكثر فاعلية مما تجرأ كثيرون على توقعه. وقد نجح الخبراء في ترقية بروتوكولات المعالجة لتوفير مزيد من اللقاحات، ما يعني أن معدل الوفيات سيتراجع.

لكن التطورات الإيجابية على الجبهة الصحية لا تكفي لزرع الطمأنينة في نفوس الناس. قد يقول قائل إن الاقتصاد في وضع مريح، حيث تم توفير 638 ألف وظيفة في أكتوبر/تشرين الأول، وانخفض معدل البطالة إلى أقل من 7%، كما أن الاقتصاد تجاوز حتى الآن، المشكلات الهيكلية الناجمة عن الفيروس والركود، وطلبات إشهار صارت أقل من مستويات ما قبل الفيروس، وحافظت الشركات الصغيرة على وجودها، حيث أثبتت عمليات الإغلاق في الربيع الماضي، أن الشركات الناشئة والجديدة قوية بشكل مدهش، كما جاءت أرباح الشركات الأمريكية الكبيرة في حدود المتوقع.

كل هذه الأخبار السارة ينبغي ألا تحجب الحاجة الملحة للاقتصاد لدعم حكومي إضافي. فالتعافي الاقتصادي من ركود الربيع يتباطأ، والتوقعات لفصل الشتاء مقلقة. وسيكون من الخطأ الانتظار حتى يؤدي الرئيس المنتخب جو بايدن، اليمين الدستورية في أواخر يناير لمنح الاقتصاد الدعم الذي يحتاجه اليوم.

لقد ساعد قانون التعافي الاقتصادي الذي ضخ أموالَ تحفيز بقيمة 1.8 تريليون دولار منذ مارس، الاقتصاد على التعافي السريع في مايو ويونيو. وتتلاشى آثاره تدريجياً ويتباطأ التعافي نتيجة لذلك، فقياساً على وظائف يونيو، انخفضت المكاسب الشهرية للوظائف بنسبة 69% في أغسطس، و87% في أكتوبر. وكان عدد العاطلين عن العمل لفترات طويلة في أكتوبر 2.6 ضعف للعدد في يونيو.

هناك مؤشرات أخرى في القطاع الاستهلاكي، حيث تراجع مؤشر ثقة المستهلكين لشهر نوفمبر إلى أدنى مستوى له منذ ثلاثة أشهر، كما تراجع إنفاق المستهلكين إلى أدنى مستوى له منذ أوائل سبتمبر، وفقاً لخبراء اقتصاديين في مجموعة «جيه بي مورجان» بعد أن عزز قانون الانتعاش في مارس مستويات الدخل، وارتفع معدل الادخار الشخصي إلى 34% في أبريل.

ومن المنتظر أن يؤدي تفشي الوباء إلى كبح النشاط الاقتصادي بشكل لافت هذا الشتاء، كما أن الطقس البارد سيحد من الأنشطة الخارجية.

يحتاج الاقتصاد إلى الدعم في نوفمبر وديسمبر ويناير. ولا شك في أن الانتظار حتى فبراير سيعرض الاقتصاد لخلل بالغ في الفترة الفاصلة وهذا يعتبر خطأ فادحاً.

في كل الحالات هناك حاجة إلى حزمة إنعاش اقتصادي أخرى، وهذا ما يؤكده ميزان المخاطر لأن التقاعس عن استئناف النشاط الاقتصادي لأي سبب كان، ستترتب عليه أضرار بالغة.

قد يفضل بعض الديمقراطيين الانتظار حتى يؤدي بايدن اليمين، ويتوقعون أن يتمكنوا من الحصول على مزيد مما يريدون في حزمة من تشريعات التحفيز. هذه الاستراتيجية محفوفة بالمخاطر وغير مسؤولة. وفي فبراير عند اقتراب الوعد بتوزيع لقاح على نطاق واسع، قد يشعر الجمهوريون في مجلس الشيوخ بضغط أقل لتمرير مشروع قانون آخر باهظ التكلفة. 

وإضافة إلى ذلك، فإن الانتظار حتى فبراير يعني عدم تقديم أي مساعدة للعمال العاطلين عن العمل، والأسر ذات الدخل المنخفض والمدارس والشركات الصغيرة للأشهر الثلاثة القادمة.

ينبغي على الجمهوريين ألا ينتظروا نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ في يناير حتى يقرروا حجم حزمة التحفيز؛ لأن ذلك سيضعف الاقتصاد ويجعل انتعاشه أشد صعوبة.

وقد ساعد برنامج حماية شيكات الرواتب في وقف موجة إفلاس الشركات الصغيرة، ولكن لماذا تنفق مئات المليارات لضمان استمرارية الشركات الصغيرة من أبريل حتى ديسمبر، فقط لأن الكثير منها أفلست خلال يناير.

قد تبدو الخطوط العريضة للتسوية واضحة. جولة أخرى من الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ربما استهدفت حتى الشركات الأصغر  على سبيل المثال تلك التي تضم أقل من 300 موظف  مقارنة بقانون مارس، ثم الإنفاق على تدابير الصحة العامة، بما في ذلك زيادة الاختبارات، وتجديد توسعات قانون الرعاية في مدة استحقاق التأمين ضد البطالة وأهليتها، وتوفير الحماية للشركات من الدعاوى القضائية المتعلقة بتبعات «كوفيد  19». وأخيراً تقديم منح لحكومات الولايات لتجنب تسريح العمال والمساعدة على إعادة فتح المدارس.

* بلومبيرج

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"