حتى ندفع أنفسنا نحو الأفضل

22:59 مساء
قراءة دقيقتين

 

الحقيقة التي يتجاوزها البعض ولا يتوقف عندها كثيراً، هي النظر إلى الذات وإلى التصرفات التي تصدر ومراجعة الكلمات التي تقال وطريقة تعاملنا مع الآخرين. 
قلة  بكل ما تعني الكلمة  هم الذين لهم ضمائر يقظة تنبّهم عند أي خطأ أو تجاوز قد يصدر عنهم تجاه أي إنسان. كما هو واضح، فإن الكثير من الناس قد تجدهم مشغولين بالآخرين ونقدهم وملاحظة تصرفاتهم، لكنهم قلما يعودون بالملاحظة على أنفسهم، وقلما يتوقفون ويراجعون طريقة تعاملهم، وهل هي صحيحة أم خاطئة.
لنتوقف ونراجع مجمل الأحداث في حياتنا الاجتماعية، وفي مختلف تفاصيلها ومواقعها، في داخل الأسرة الواحدة، أو في مقار العمل، أو خلال زيارات الأقارب أو في جلسات الصحب والصديقات ونحوها من الفعاليات الاجتماعية، ستجد محور النقاش يدور دائماً حول الآخر، الحديث ينصب على الناس. وهذا الحديث والنقاش في معظمه، إن لم يكن جميعه، لا ينصب على الجوانب الإيجابية وإنما على إظهار السلبي، وكأن هناك انشغالاً بالآخر وعدم الالتفات إلى النفس أو إلى الذات؛ بمعنى أننا ننظر ونلاحظ أي عيب أو سقطة قد تحدث من أي إنسان، لكننا لا نفكر ولو للحظة في أننا قد نكون مغمورين بالأخطاء والتصرفات السلبية. وكما قال الحكيم الصيني كونفوشيوس: «لا تشك من الثلج الذي على سطح جارك، وعتبة بابك مسدودة بالثلج». 
هذا الموضوع تحدث فيه كثير من الفلاسفة، وهناك كثير من الكتب تم تأليفها تناولت هذا التناقض الواضح الذي يصدر. نطلب من الآخرين الكمال وعدم الخطأ ونبالغ في مطالبنا وننتقد أية هفوة، بينما نعذر أنفسنا والمقربين منا، ونعفو ونمنحهم فرصة واثنتين وثلاثاً وأربعاً.
ميزان العدالة الذي جميعنا ننشده، وجميعنا نريده، يعتبر أن أول خطوة في سياق تحقيق الإنصاف للجميع تتمثل في عمومية الأحكام وتطبيقها، بمعنى أنه لا يمكن أن يتم تقسيم العدالة وتوزيعها ووضعها في درجات، هي عامة وشاملة، وهي أيضاً لا تعرف الألوان ولا تمييز الأشكال. وهذا يعني أننا عندما نتحدث عن شخص ما، ونقوم بنقده، من الأهمية أن نسأل أنفسنا هل هذا النقد ينطبق علينا؟ 
عندما نتحدث عن زميل في مقر العمل ونقول إنه دائم التأخر أو بطيء في إنجاز مهامه وأعماله، يجب أن نسأل ألا نتأخر نحن؟ وهل إنجازاتنا الوظيفية مثالية؟ أعتقد أنه يجب أن ننشغل بأنفسنا عن الآخرين، وأن نُوجِّه سهام النقد لأنفسنا؛ لأن هذا هو ما سيدفع بنا نحو التصحيح والنجاح.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"