النفط.. أكثر من ثروة

23:46 مساء
قراءة 3 دقائق

مهرة سعيد المهيري

أعلن المجلس الأعلى للبترول، عن اكتشاف وإضافة احتياطيات جديدة من النفط والغاز في إمارة أبوظبي تضاف إلى إنتاج دولة الإمارات في القطاع النفطي، ما يجعل من الدولة مورداً رئيسياً للطاقة على مستوى العالم. الاكتشافات والاحتياطات الجديدة دفعت البلاد إلى المركز السادس عالمياً من حيث الاحتياطات النفطية.

كان المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حريصاً على عدم إرهاق حقول النفط بإنتاج كميات كبيرة، ما يؤكد أن له رؤية ثاقبة في التعامل مع الثروة النفطية. وبالرجوع إلى اكتشاف مزيد من الاحتياطات للنفط والغاز، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أنها خطوة استراتيجية تعزز دور الإمارات في قطاع النفط العالمي. جاء ذلك بعد إعلان اكتشافات نفطية جديدة واعتماد خطة أدنوك الخمسية للنمو بمصاريف رأسمالية بقيمة 448 مليار درهم وإعادة توجيه 160 مليار درهم إلى الاقتصاد المحلي عبر برنامج القيمة المحلية المضافة، وكلف أدنوك باستكشاف الفرص المحتملة في مجال الهيدروجين بوصفه وقوداً نظيفاً.

وبالفعل، بتلك الاكتشافات تتقدم الإمارات إلى المركز السادس في الترتيب العالمي من حيث احتياطات النفط والغاز، مقارنة بالمركز السابع. وحسب رأي خبراء الاقتصاد، فإن حصة إنتاج الإمارات المتوقعة من الاكتشافات الجديدة من شأنها أن تجعل من الإمارات لاعباً رئيسياً في القطاع النفطي على مستوى العالم.

بدوره أكد صندوق النقد الدولي في تقرير سابق له، أنه من المتوقع أن تتجه الإمارات إلى الضبط المالي لضمان توفر مدخرات كافية من الثروة النفطية للأجيال القادمة. وتعد الإمارات ثاني أكبر احتياطي نفطي بعد المملكة العربية السعودية التي تحتل المركز الأول عالمياً في إنتاج النفط؛ إذ تمتلك الإمارات من الاحتياطي النفطي نحو 97.8 مليار برميل حالياً. ويقدر الاستهلاك الداخلي للدولة ب 509 آلاف برميل يومياً.

يعد قطاع النفط والغاز في أبوظبي من أهم القطاعات الجاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة؛ إذ جذب القطاع على مدى العامين السابقين أكثر من 21 مليار دولار من خلال مناطق امتيازات برية وبحرية. ووفقاً للخطة الأخيرة، فإنها تهدف إلى الاكتفاء الذاتي والتقليل من التصدير عبر زيادة السعة الإنتاجية من النفط الخام من 3.5 مليون برميل يومياً بنهاية عام 2018 إلى 4 ملايين برميل يومياً بنهاية عام 2020 وإلى 5 ملايين برميل يومياً خلال عام 2030.

إن النفط كان عبارة عن وسيلة من الوسائل لبناء الدولة. هذه الأرقام لها دلالات كبيرة وينبغي النظر إليها من زوايا عدة.

في السبعينات والثمانينات كانت الإشارة تتم لدولة الإمارات على أنها دولة نفطية. الآن يشار إليها كقوة اقتصادية إقليمية بتأثير عالمي ملموس. ثروة النفط مع حكمة توجيه هذه الثروة حولت طبيعة المال من مجرد أرصدة وسيولة إلى اقتصاد ديناميكي بمستوى عالمي.

لا نريد أن نقارن الإمارات بدول نفطية أخرى. ويجب أن نستثني الدول التي أحرقت نفطها وثرواتها بالحروب. ولكن ثروة النفط لدى البعض تم تبديدها، في حين انظروا من حولكم لتروا البنية التحتية في الإمارات والخضرة والاستقرار والصحة والتعليم. مشاهد مفرحة يرددها أبناء دول أخرى بالقول لماذا لا نكون مثل أبوظبي ودبي والشارقة وبقية مدن الإمارات الجميلة.

الثروة النفطية على الرغم ممّا أتت به من بحبوحة ووفرة لم تغير النفوس. الناس في الإمارات بقوا على بساطتهم وحبهم للخير. المال شيد العمائر، لكنه أبقى ساكنيها من أبناء هذا البلد الصاعد منسجمين مع بيئتهم ومحبين لمفرداتها الاجتماعية والأخلاقية. علموا أولادهم وأتقنوا اللغات وانفتحوا على العالم، لكنهم يعودون إلى مجالسهم وقصصهم والفة الكبير وابتسامة الصغير. النفط في بلادنا لم يجعلنا منفصمي الشخصية.

ثم علينا أن ننظر إلى الاحترام العالمي وقوة استقلال القرار. في دول أخرى، تتدخل القوى الكبرى وتفرض أجنداتها وتتعامل مع حكومات كأنها حارسة لآبار النفط. الإمارات قوة يحسب لها الحساب ويشار إليها بالبنان.

أنا متأكدة أن لكل منا حكاية يرويها مع ثروة النفط، من ذكرياته أو من ذاكرة الآباء والأجداد ممن نقلوا الرواية. لقد حفظنا منة الله علينا والحمد لله.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"