موسكو تسلّم العهدة لبكين

00:34 صباحا
قراءة دقيقتين

 

هناك ما يشبه القناعة العامة لدى خبراء العلاقات الدولية بأنه قد أزفت، ومنذ زمن، لحظة انتهاء نظام الأحادية القطبية الذي وصفه الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب ب«النظام الدولي الجديد» غداة انهيار الاتحاد السوفييتي وسقوط جدار برلين، حيث أصبحت الولايات المتحدة القوة الدولية الحاسمة الوحيدة لفترة من الزمن.
لكن ما يمكن أن يكون موضع سجال هو صورة العالم بعد انتهاء الأحادية القطبية، أيكون متعدد الأقطاب من أمريكا نفسها، وروسيا، والصين، والبعض يضيف الاتحاد الأوروبي أيضاً كقوة دولية وازنة محتملة، أم أن هذا النظام الدولي البديل سيكون ثنائي القطب، من محورين غربي وشرقي؟ وهنا أيضاً يوجد أكثر من رأي، فإذا كانت الولايات المتحدة هي أحد القطبين فمن تراه القطب الدولي الثاني: روسيا أم الصين؟ حتى اللحظة لم يظهر الاتحاد الأوروبي جاهزيته لأن يأخذ مكانة مقررة مستقلة في النظام الدولي الذي هو قيد التشكّل، وكانت واضحة حال الفزع التي انتابت أوروبا، خاصة ألمانيا وفرنسا، حين أرسل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إشارات إلى رغبة أمريكية في التخلي عن تقديم ما يمكن وصفه ب«دعم مجاني» أمريكي لحمايتها، ما دلّ بوضوح على عدم رغبة، أو بالأحرى قدرة الأوروبيين على أن يكونوا قوة دولية مستقلة معتمدة على نفسها أمنياً وعسكرياً بالدرجة الأولى.
وهذا الأمر يضعف من سيناريو التعددية القطبية المنشودة، ويحصر الأمر بين أمريكا من جهة، والصين وروسيا من جهة أخرى، وحول هذا جدير بالعناية ما يطرحه مقال لخبير روسي اسمه أندريه ايفانوف، نشرته «سفوبودنايا بريسا»، حول تعاظم دور الصين واتجاه العالم نحو الاصطفاف حول قطبين، أمريكي وصيني.
من سياق المقال نفهم أن روسيا، رغم حال الانبعاث التي شهدتها في سنوات حكم فلاديمير بوتين، بعد الانهيار الذي أوصله لها جورباتشوف ويلتسين، فإنها ما زالت أضعف بكثير من النهوض بالدور الذي كان للاتحاد السوفييتي، ما يجعلها تسلم بأن الصين هي المؤهلة لأن تنهض بمثل هذا الدور.
يرى الرجل أن «العالم يغدو ثنائي القطب، مرة أخرى، كما كان خلال الحرب الباردة»، ومع أنه ما زال ثمة دور بوسع روسيا أن تلعبه في عالم اليوم، كونها «تقع على مفترق طرق الثقافة الأوروبية والإسلامية والصينية»، فإنه لا ينكر أن الصين كانت مستعدّة لدورها الدولي الوازن، وجاهزة للتحول الجاري في العالم، ويعطي مثلاً على ذلك بالتوقيع، مؤخراً، على اتفاقية لإنشاء أكبر منطقة تجارة حرة على هذا الكوكب - الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"