عادي

«الخدمات الإنسانيـة».. سنـد ذوي الإعاقـة والأهـل عـن بعـد

22:49 مساء
قراءة 5 دقائق
1
1

تحقيق: مها عادل
تواصل مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية جهودها التي تستهدف دعم وتمكين وتعليم وتحسين حياة طلابها من ذوي الإعاقات المختلفة.
ومنذ تطبيق نظام التعليم عن بعد في الدولة لمواجهة «كورونا» اتسعت جهود المدينة، والعاملين فيها، لتمتد خارج أسوار مبانيها، وتلبي احتياجات طلابها الدارسين من المنزل، وتقدم المساعدة والتأهيل اللازمين لذويهم حتى يتمكنوا من أداء دورهم في خدمة أبنائهم، وتطوير مهاراتهم وتحسين أدائهم في النواحي الدراسية، والحركية، والنفسية، والاجتماعية، بأفضل الوسائل والخطط الممنهجة والمواكبة لأحدث المستويات العالمية.
وفي السطور التالية، نقترب أكثر من أسر بعض طلاب المدينة الذين اختاروا لأبنائهم أسلوب الدراسة عن بعد، لنتعرف إلى أهم الصعوبات والتحديات التي يواجهونها في ذلك، والدعم الذي يتلقونه من المدينة.

يقول د.سيف محمد حسن عبد الله، متخصص في المجال الاستراتيجي عن تجربته مع ابنه صقر (13 عاماً) من ذوي الإعاقة الذهنية (متلازمة داون): التحق ابني بالمدينة منذ أن كان عمره 6 أشهر، وهو بطبعه طفل مرح، ومطيع، ويعشق الرياضة كثيراً، ولكن عندما بدأت أزمة «كورونا» اخترنا أسلوب الدراسة عن بعد، لأنه يعتبر من الفئات ضعيفة المناعة، فكان الهدف هو تقليل احتمالات العدوى والإصابة في حالة تكرار الخروج من المنزل، والاحتكاك بالآخرين أثناء التنقل من البيت، وإليه.
ويضيف: لم تتوقف علاقتنا وتواصلنا مع المدينة والعاملين فيها، إذ سمح لنا نظام الدراسة عن بعد بالتواصل الدائم مع هيئة التدريس عبر الإنترنت وبرامج الاتصالات مثل «واتس آب»، ولمسنا منهم التعاون الكامل، والحرص على تقديم المعلومات بأسلوب محبب، وبسيط للأطفال، ولاحظنا التحسن في حياة صقر اليومية، وتجاوبه معنا، وهذا بالطبع لا ينفي أن حجم الاستفادة التي كان يحققها عند ذهابه إلى المدرسة في المدينة كان أكثر فعالية، لأنه كان يستطيع التفاعل مع أقرانه وحضور التدريبات الرياضية على أرض الواقع في حينن أنه يشترك فيها حالياً افتراضياً، وتحقق له قدراً من السعادة. ويتابع عبدالله متحدثاً عن حجم الصعوبات: قلة الاحتكاك مع الآخرين تقلل فرص التكيف المجتمعي بالنسبة لابني، إضافة إلى أن ضبط الإجراءات التقنية والتواصل عن بعد يسببان لنا أحياناً قدراً من الصعوبة، وبالطبع يفتقد أحياناً الفهم الجماعي، ومشاركة أقرانه من المستوى نفسه، والقدرات نفسها، وبالطبع تواجده في المدرسة يكون أسهل في توصيل المعلومة من خلال التعامل المباشر مع معلمته، أما في المنزل فالمسؤولية تقع على كاهل والدته بشكل أكبر.
وتلتقط أم صقر خيط الحديث وتحدثنا عن تجربتها مع ابنها فتقول: في البداية واجهنا صعوبات التكيف مع هذا الوضع الجديد ولولا صفات صقر الشخصية، وكونه طفلاً مطيعاً ويتمتع بالإصرار لواجهنا صعوبات شديدة في التكيف. ومع مرور الوقت تأقلم صقر مع متطلبات التعليم وساهم أسلوب التدريس الذي تتبعه معلمات المدينة في نجاح عملية التعليم عن بعد. ويتلقى صقر حصصاً متنوعة تشمل الرياضيات، واللغة العربية، إلى جانب ممارسة الرياضة، مع الحرص على إقامة ورش فنية لتشجيع الطلاب وتنمية مهاراتهم. وتضيف: عقب إعادة الفتح التدريجي شعرنا بحاجة صقر للعودة إلى الانتظام بالمدرسة لتحسين مهاراته الاجتماعية، وحصوله على أكبر قدر من الاستفادة والتحصيل، وحالياً يذهب إلى المدرسة يومين في الأسبوع. وسواء كان داخل جدران المدرسة، أو في البيت، فإن دور المدينة في حياتنا يظل مؤثراً وشديد الأهمية.
عبء
عوضية الطيب والدة الطفلين محمد (13 عاماً)، ورغد (11 عاماً)، تطلعنا على تجربتها معهما والتعليم عن بعد، وتقول: طفلاي من فئة الإعاقة الذهنية والحركية، ولديهما ضعف في العضلات، وفضلت أن يخضعا للتعليم عن بعد في ظروف «كورونا» خوفاً عليهما من العدوى، رغم علمي بالتزام المدينة بكل الإجراءات الوقائية. وهذا الاختيار فرض عليّ عبء مساعدتهما على تلقي دروسهما عن بعد. ورغم صعوبة المسؤولية إلا أنني مررت بالأصعب، إذ كان لدي ابنة تعاني الإعاقة نفسها، وتوفاها الله بعمر 3 سنوات، ولذلك أبذل قصارى جهدي للوصول بابني إلى أفضل مستوى ممكن من التكيف، والتحسن.
وترى أن الدراسة في البيت تفرض على الأهل مسؤولية كبيرة «فأنا أجد صعوبة في توصيل المعلومة لأنني لا أمتلك مهارات المعلمات في المدرسة، ولذلك أشعر بأنهن يبذلن جهداً مضاعفاً لإنجاح التعليم عن بعد لأنهن يوجهن الأم الطفل معاً».
وعن جهود المدينة وتعاون المعلمات تقول: حجم التعاون والتفاني الذي وجدته من المعلمات لمساعدتنا لا يوصف، فالتواصل معهن لا ينقطع خلال ساعات اليوم وحتى في العطلات، فالدراسة عن بعد تتطلب قدراً كبيراً من الجهد ليس من الأم فقط، لكن أيضاً من هيئة التدريس، إلى جانب التواصل عبر منصة «زووم»، مع العلم أن طفليّ يذهبان مرة أسبوعياً لتلقي العلاج الطبيعي في المدينة، لذلك فإن الأمر يتطلب جهداً متواصلاً ومتابعة دائمة، وهذا التعاون بيننا وبين المعلمات في المدينة سر نجاح التجربة.
تحسن
تشاركنا علياء محمد سيد تجربتها مع طفلتها فاتنة محمودن ذات السنوات الخمس وتقول: ابنتي التحقت بمركز التدخل المبكر منذ عمر 3 سنوات، ومنذ دخولها إلى المدينة وجدنا فيها دفء العائلة، وحنان الأخوات، فالمعلمات يبادرن بالتقرب مني، ومساندتي نفسياً، ومعنوياً، وتدريبي لأتمكن من مساعدة طفلتي.
وتضيف: منذ كانت ابنتي في عمر 6 أشهر اكتشفت أنها من ذوي «متلازمة داون»، وكنت أنا أمّاً صغيرة في السن، ولا أمتلك الخبرة الكافية، وبحثت حينها عن مراكز متخصصة ووجدت صعوبة شديدة في إلحاق ابنتي بها، بسبب ارتفاع الأسعار، كما علمت أن بعض المدارس الخاصة التي تسمح بالدمج تغالي كثيراً في مصروفات الطلبة ذوي الإعاقة، أكثر من غيرهم، إلى أن تواصلت مع المدينة فوجدت لديها ضالتي، فالتكلفة أقل كثيراً، والمستوى التعليمي فائق الجودة، وكفاءة المعلمات والقائمين على المدينة أكثر من رائعة. وتضيف: ساهمت جهود المدينة خلال العامين الماضيين في تحقيق تحسن كبير في سلوك ابنتي وتخلصت من كثير من مخاوفها.
وعن تجربة التعليم عن بعد وصعوباتها تقول: أتلقى المحاضرات والحصص بتوجيهات من المعلمات، وأعلمها لطفلتي مع تسجيل الفيديوهات، والتواصل الدائم معهن حتى ساعات متأخرة من الليل، طوال الأسبوع. وتطورت علاقتي الإنسانية بالمعلمات فصرن مثل أخواتي، وحتى في حالات مرضي أجدهن يتصلن بي هاتفياً للاطمئنان على صحتي.
وهذا لا يمنع، في رأي علياء محمد سيد، أن دور الأم في رعاية طفلة لديها مثل هذه الظروف بالغ الصعوبة «وكثيراً ما كنت أشعر بالإجهاد والإحباط وحالات بكاء من شدة التعب، ولكن كل شعوري بالتعب يذهب عندما ألاحظ أن ابنتي تتطور كثيراً بعد تلقي الدروس عن بعد، وأمضي معها ساعات يومياً لتطبيق التدريبات وتحقيق الأهداف، ولولا جهود معلمات المدينة في مساعدتنا وتدريبنا لأصبحت مهمتنا بالغة الصعوبة».
صعوبات
د. سامية صالح، مديرة مدرسة الوفاء لتنمية القدرات بالمدينة، تقول عن نوع الصعوبات التي يواجهها بعض الطلاب من ذوي الإعاقة في التعليم عن بعد وآليات الدعم التي تقدمها المدينة: تفضل بعض عائلات الطلبة خضوع أبنائهم لتجربة التعليم عن بعد، وكان ذلك مرتبطاً ببعض المؤشرات من أكثرها وضوحاً: المشكلات الصحية التي تكون مصاحبة للطالب، وصعوبة اتباعه للإجراءات الاحترازية، ومخاوف الأسرة من فكرة الاختلاط لهذه الفئة. ومن أهم الصعوبات التي تواجه الطفل ذي الإعاقة في عملية التعلم عن بعد، تذكر فقدان الدافعية تجاه التعلم بسبب غياب التواصل المباشر، إضافة إلى المحدودية في عملية الأساليب المستخدمة في الدرس.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"