عادي

الذكاء الاصطناعي والسياسات العامة

21:38 مساء
قراءة دقيقتين
رؤى وأفكار
رؤى وأفكار

أطلقت جائحة كورونا العنان للأزمة الاقتصادية العالمية الثانية في اثني عشر عاماً فقط، لكن على عكس انهيار عام 2008، الذي أظهر عيوباً هيكلية حادة في النظام المالي العالمي، كشف الانكماش الحالي نقاط ضعف العديد من الحكومات التي كانت تكافح من أجل تنفيذ استجابة سريعة وفاعلة لأزمة الصحة العامة وتداعياتها الاقتصادية.
وبسبب الاستجابات غير الكافية للوباء، تفاقمت التوترات الاجتماعية والاقتصادية القائمة. وفي حين أن الحجر الصحي وغيره من التدابير الصارمة تضر بالاقتصاد بشكل مباشر، فإن التخفيف المبكر لعمليات الإغلاق يمكن أن يؤدي أيضاً، إلى عودة ظهور حالات «كوفيد ـ 19» وهذا ما حدث بالفعل.
وطالما استمر الوباء، فإن كلا السيناريوهين يؤجج استياء الرأي العام. وبعد كل شيء، ومهما بدا القرار المتخذ صحيحاً، فإن خطأ صغيراً قد يؤدي إلى عواقب كبيرة.
ولكن ماذا لو استطاعت الحكومات استخدام التقنيات الحالية لتقليل هامش الخطأ بشكل كبير مع زيادة السرعة والدقة، والأهم من ذلك، الشفافية في عملية صنع القرار؟ وهو ما تسعى إليه شركات التكنولوجيا حول العالم باستمرار، لإيجاد حلول جديدة لتحسين عملياتها وأدائها.
إن معالجة قضايا محددة بهذه الطريقة يزيد فرص التعامل مع الأزمات العالمية. على سبيل المثال، سمح العمل المشترك للباحثين في شركة البرمجيات السحابية سيلزفورس، وجامعة هارفارد، بإنشاء آلية اقتصادية مبنية على تقنيات الذكاء الاصطناعي، تهدف إلى استخدام التعلم الآلي لتصميم النماذج الاقتصادية، وبالتالي السماح لواضعي السياسات بتطوير واختبار الافتراضات في بيئة محاكاة.
وسيوفر هذا الإعداد، البيانات وهيكلها، بحيث يمكن لأجهزة الكمبيوتر معالجتها بدون أو بمشاركة بشرية قليلة جداً. يمكن لتقنيات اليوم أيضاً، أن تتيح إنشاء «توأم رقمي» افتراضي؛ نسخة طبق الأصل من مدينتك أو بلدك لزيادة السرعة التي يمكن بها اتخاذ قرارات خالية من الأخطاء بناء على بيانات الوقت الفعلي. تم استخدام هذا التطبيق على نطاق واسع في عالم الشركات، ويتم اعتماده بشكل متزايد من قبل المدن التي تسعى إلى تحسين جودة الحياة الحضرية.
على سبيل المثال، استثمرت سنغافورة مؤخراً أكثر من 70 مليون دولار في إنشاء نموذج ثلاثي الأبعاد للمدينة، يمكن لصناع السياسات استخدامه كمختبر للمشاريع واسعة النطاق. ويعني هذا النظام أن كل قرار، بما في ذلك القرارات المتعلقة بـ«كوفيد ـ 19»، يمكن اختباره في المجال الرقمي قبل تنفيذه في العالم الحقيقي، مما يقلل بشكل كبير من هامش الخطأ.
وسلط صراع العالم اليوم مع عدو جديد غير مرئي، الضوء على ضعفنا، والقضايا الاجتماعية والاقتصادية التي طالما انتظرت الحل. نحن فقط على وشك الشروع في رحلة طويلة هدفها التآزر بين الحكومات وتسخير الذكاء الاصطناعي.
* تشاينا ديلي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"