تركيا.. كتل النار تأكل بعضها

23:22 مساء
قراءة دقيقتين

لم يترك الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، من حلفائه السابقين في حزب العدالة والتنمية وخارجه، سوى القليل، فبعد أن خرج في وقت سابق العديد من الرموز الثقيلة من الحزب والحكومة إلى ساحات المعارضة، انضم إلى ائتلاف المناهضين لسطوة أردوغان، حليف تاريخي آخر، هو مستشاره السياسي، نائب رئيس الوزراء السابق ورئيس البرلمان، بولينت أرينتش، ما يعطي مؤشراً إلى أن الديكتاتور تخلى عنه أكبر مناصريه الذين كانوا إلى جانبه في كل المراحل التي مر بها خلال حياته السياسية.

وليست استقالة أرينتش من منصبه إلا تعبيراً عن وصول العلاقة بينه ورئيسه إلى قطيعة، وعدم قدرة على مواصلة المهمة التي اختلفت وظيفتها خلال السنوات القليلة الماضية، إثر دخول أردوغان في معمعة المعارك العسكرية والسياسية مع أكثر من فاعل سياسي، وإقليمي، سواء في أوروبا، التي عاد أردوغان للاعتراف بأن تركيا لا تتصور نفسها خارجها، أو مع جيرانها في كل من اليونان، وسوريا، والعراق، إضافة إلى دخولها لاعباً بكرة نار تحرق الأخضر واليابس في ليبيا، وفي مناطق أخرى استجدت فيها معارك عسكرية، أبرزها ناجورنو كاراباخ بين أرمينيا، وأذربيجان.

صناعة الأعداء هي مهمة أردوغان بامتياز، وخروج العديد من اللاعبين الذين كانت لهم بصمات في الدولة التركية الحديثة من التحالف مع الرئيس مطلق الصلاحية، مؤشر على أنه يواصل الهيمنة على مفاصل الحياة السياسية فيها، ويتخلى عمن كانوا إلى جانبه، وسنداً له عندما بدأ صعود سلم الدولة، حيث ساهموا في تحسين الاقتصاد، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية لمساعدة البلاد على النهوض.

أرينتش، كما هو حال رئيس الوزراء الأسبق، أحمد داوود أوغلو، ووزير الاقتصاد الأسبق علي باباجان، اللذين قدما استقالتيهما من الحكومة وانتقلا إلى صفوف المعارضة، يعتبر رفيق درب أردوغان،، بل هو أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية عام 2001، وكان وراء الصورة التي ظهر عليها أردوغان أمام الرأي العام المحلي، والخارجي، لكنه لم يتقبل فكرة هيمنة الرئيس على كل مفاصل الدولة وبناء «جمهوريته الخاصة»، بل والإيغال في استهداف الخصوم، كحال المعارض الكردي صلاح الدين دمرتاش، الذي طالب أرينتش بالإفراج عنه، منذ اعتقاله قبل أربع سنوات.

وكما طالب الخارجون على فرمانات أردوغان، فإن مستشاره يرى أن «تركيا بحاجة إلى إصلاحات في القضاء والاقتصاد ومجالات أخرى»، وأن «هناك حاجة إلى تهدئة البلاد وإيجاد حل لمخاوف الناس»، لأنه يدرك أن كتل النار بدأت تأكل جسم الدولة التركية، التي صارت في عهد أردوغان تزيد من أعداد الخصوم، وتخفض عدد الحلفاء، والأصدقاء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"