من دون انحياز

00:40 صباحا
قراءة دقيقتين

منذ أيام انخرط طلبة جميع مراحل التعليم، في محطة جديدة للامتحانات، التي تعد معياراً لقياس مهاراتهم المكتسبة، واستيعابهم، لما تم دراسته من علوم ومعارف خلال الفصل الدراسي الأول للعام 2020-2021.
العملية الامتحانية جاءت محكمة وممنهجة، فالإجراءات وقائية واحترازية مشددة، وفرق تعمل على مدار الساعة، ورقابة هجينة أحكمت قبضتها سواء في المدارس أو المنازل، وإن وجدت بعض الأعطال التقنية التي أعاقت طلبة من أداء امتحان الرياضيات، إلا أن الوزارة تعاملت معها بحكمة وأقرت اختباراً تعويضياً للمتضررين.
وبحيادية من دون انحياز، الجهود مشرقة لا جدال، ولكن يشوب الامتحانات بعض المنغصات التي أربكت الطلبة، وأزعجت الوالدين، وفتحت المجال للقيل والقال، وقد تبدو تلك المنغصات «عادية وبسيطة» لدى البعض، لكنها تستحق النقاش، لما أفرزته من ردود فعل تؤثر سلباً في الأبناء.
بعيداً عن فكرة النجاح والرسوب، فإن الامتحان وجد كمقياس لتقييم ما تعلمه الطالب، وأداة تقيس المهارات التي اكتسبها، ويأخذنا هذا إلى أن مهمة المدارس والمعلمين الآن، لا تقتصر على الالتزام بالمنهاج وشرح الدروس، بل الطالب بحاجة إلى دروس تكسبه المهارات، ونماذج تنميها، لتأهيله لامتحانات تعتمد كلياً على المهارات، ولا تسأل عن المنهاج بقدر سؤالها عن القدرات.
قراءات الواقع، تؤكد أن هناك إشكالية في تأهيل الطلبة مهارياً، وغياباً غير مبرر لنماذج التدريب المهاري، التي إن وجدت مع الأسف لا يتم توظيفها بالشكل الصحيح، ولا نعلم السبب الحقيقي وراء ذلك، فهل القائمون على تطوير المناهج غطوا جميع الأهداف، ونسوا نماذج تأهيل الطلبة مهارياً ؟ أما أن المشكلة تكمن في المعلمين وإدارات المدارس التي تصب المناهج في عقول الطلبة صباً وتجاهلت المهارات ؟
ومادام اتفقنا على أن الامتحانات أداة لتقييم مهارات الطالب، وفهمه وإدراكه لما تعلم، علينا أن نرفع عنه قيود إدارة الوقت، التي حددت زمناً لكل سؤال في الامتحان، لينطلق السؤال والطالب يلهث وراءه، فإذا أردنا تعليم أبنائنا، إدارة الوقت، فعلينا بالفصول الدراسية، وليس لجان الامتحان، وعلينا بالاطلاع على منظومة الاختبارات الدولية، إذ كان الأمر بهدف التطوير.
مراجعة الامتحان حق مشروع للطالب، والعودة للسؤال للتأكد من صحة الإجابة، حق متعارف عليه، فحرمان الطالب من تلك الحقوق، بحجة التطوير، أو الرقابة أو قياس المهارات، أمر لا يستوعبه عقل، فإذا أردنا مخرجات تحاكي المستقبل، فعلينا منحها جميع الحقوق، وتعليمها ودمجها في أوجه التطوير، وتأهيلها للتقييم، كما رسم القائمون على التطوير، فالطالب هنا مسيّراً وليس مخيّـراً.
منظومة العلم حققت نجاحاً باهراً، خلال جائحة كورونا، ونرى جميعاً ثمار هذا النجاح في استمرارية التعليم، ولكن نحتاج إلى إعادة النظر في أمور مبالغ فيها، لاسيما المتعلقة بالامتحانات.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"