الصادق المهدي

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

أعلن السودان الحداد العام، وفاء للزعيم الراحل الصادق المهدي الذي رحل عن الدنيا، وكان بجدارة، عنوان مراحل فاصلة وعاصفة في تاريخ وطنه السودان، شهدت انعطافات حادة، ظل خلالها الرجل متمسكاً بالخيار الديمقراطي والحكم المدني سبيلاً لتطور السودان ونهضته، وقد كلّفه ذلك الكثير من التضحيات، فقد اعتقل عدة مرات في الأعوام 1969، و1973 و1983 و1989.
وآخر مرة اعتقل فيها كانت في عام 2014، من قبل نظام عمر البشير على خلفية موقفه المعارض للبشير، الذي قفز إلى السلطة عبر انقلاب عسكري مدعوم من تنظيم «الإخوان المسلمين» على الحكومة المنتخبة التي كان الصادق المهدي يرأسها، بعد أن فاز حزبه (حزب الأمة) في الانتخابات التشريعية التي جرت بعد مرحلة انتقالية قصيرة إثر إسقاط نظام جعفر النميري، الذي كان قد وصل إلى السلطة، هو الآخر، عبر انقلاب عسكري.
الصادق المهدي وريث عائلة سياسية عريقة ذات مكانة دينية واجتماعية كبيرة في السودان، بسبب تزعّمها للحركة المهدية التي أسسها جده الأكبر محمد أحمد المهدي، وإلى جانب ذلك نال المهدي تعليماً حديثاً، وحصل على شهادة الماجستير في الاقتصاد من جامعة أوكسفورد البريطانية العريقة في عام 1957، ومثل سياسيين آخرين في السودان كالراحلين عبد الخالق محجوب، ومحمد إبراهيم نقد، برز الصادق المهدي أيضاً كمفكر وكاتب مرموق، أصدر عدة مؤلفات بينها: «مستقبل الإسلام في السودان»، و«السودان إلى أين؟»، و«مسألة جنوب السودان»، و«تحديات التسعينات»، و«الديمقراطية عائدة وراجحة».
لم تكن الحكومة التي انقلب عليها عمر البشير هي وحدها الحكومة المنتخبة التي ترأسها الصادق المهدي، فقد سبق له أيضاً أن ترأس الحكومة بين عامي 1966  1967، ولم يكن البشير هو الرئيس الوحيد الذي عارضه المهدي لانقلابه على الشرعية، فقد سبق له أن عارض انقلاب الفريق إبراهيم عبود في نهاية خمسينات القرن الماضي، وأيضاً انقلاب جعفر النميري في عام 1969 الذي ألقى القبض على المهدي ونفاه إلى القاهرة.
عرف أيضاً بموقفه الثابت في تأكيد سيادة السودان وقراره المستقل، وبرز ذلك في معارضته للاتفاق الذي أبرمته حكومة البشير والرئيس التركي رجب طيب، والذي منح أنقرة «حق» الاستثمار في جزيرة «سواكن» الواقعة في البحر الأحمر، وندد بدعم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا لجماعة «الإخوان» «العابرة للحدود» بحسب وصفه.
لعب الفقيد وحزبه دوراً مهماً في الانتفاضة الشعبية التي نجحت في إسقاط حكم البشير وتقديمه للمحاكمة، وأسهم في ترتيب المرحلة الانتقالية التي تلت ذلك، تمهيداً لعودة الديمقراطية والمشاركة السياسية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"