عادي

حَوَل العين.. أسباب وراثية وأخرى مكتسبة

20:28 مساء
قراءة 7 دقائق
1

عندما تكون العينان على استقامة واحدة، نتيجة اختلاف في حركة بؤبؤ إحدى العينين عن حركة الأخرى، تسمى الحالة بالحول وتكون فيه المحاور البصرية غير متوازية باتجاه الهدف المثبت، انحراف محوري الإبصار عن الوضع الطبيعي، ما يتسبب بازدواج الرؤية.

يرى انحراف العين بشكل واضح؛ حيث لا يستطيع المريض أن يخفي حالته، ولا صعوبة تركيز النظر في اتجاه ثابت، إلى جانب تجنب النظر إلى الشمس، وتعرض العين للكسل.
تتعدد أنواع الحول ويأخذ أكثر من تعريف، بين الخلقي، الذي يولد به الأطفال الرضع ويختفي من دون تدخل بشكل طبيعي، والنوع الخفي يكون الشخص فيه طبيعياً تماماً في معظم الأوقات ويظهر حول مفاجئ، يلاحظه من حوله بعد مجهود قراءة أو تركيز شديد بالعينين، وعند تنبهه بوجود الحول يقوم المخ بضبط العينين في وضعهما الطبيعي مرة أخرى.

يعكس الحول احتياج الشخص لارتداء نظارة طبية لتجنب استمرار إجهاد العين لفترات طويلة متصلة، كما توجد بعض التمرينات لتنمية قدرة المخ على الاستمرار في المحافظة على توافق حركة العينين بشكل طبيعي.

الحول الحقيقي

يظهر نوع آخر من الحول «الحقيقي» بعد الأشهر الثلاثة الأولى من ولادة الطفل، تعتبر هذه الفترة حيوية في استقبال الصورة في كل عين وتجميعها في مراكز الإبصار، فإذا حدثت مشكلة في الاستقبال مثل عتامات خلقية في العين أو في القرنية أو وجود مياه بيضاء أو أمراض بالشبكية أوعيوب بالعصب البصري، أو أخطاء الانكسار كطول النظر أو قصره الشديد، يؤدى ذلك إلى حول حقيقي دائم.

تتجه العين نحو الأنف تعبيراً عن عدم وضوح الرؤية بها، يظهر السبب الحقيقي عند الفحص الشامل وقياس ضغط العين، وفحص الشبكية لمعرفة الأسباب المرضية للحول ويتم علاجها حسب السبب، كما أن هناك الحول التكيفي ويحدث بسبب الإصابة بالعيوب الانكسارية مثل طول النظر، والحول الشللي نتيجة إصابة أحد أعصاب العين المسؤولة عن حركتها بالضعف أو بالشلل.

يختلف سبب الإصابة بالحول حسب نوعه، ولهذا لا يمكن تحديد سبب أساسي لهذا المرض، لكن هناك بعض العوامل التي يمكن الإشارة إليها منها الوراثية، مرض الجلوكوما، وجود مشاكل في الشبكية، التعرض لإصابة في الرأس أو العين أو بالعصب البصري، انحناء في قرنية العين، تكون مياه بيضاء على العين، الإصابة بأحد أنواع أورام الدماغ، إجراء عملية في العين.

يعتبر التشخيص المبكر للحول «انحراف النظر» أمراً مهماً لاكتشاف الحالة، ويقوم الطبيب بإجراء سلسلة من الاختبارات للتحقق من صحة العينين، وتشمل انعكاس القرنية، وحدة البصر لتحديد مدى إمكانية القراءة من مسافة بعيدة، اختبار لقياس حركة العين ومدى الانحراف، اختبار شبكية العين.

يفحص الطبيب الدماغ والنظام العصبي للتحقق من وجود شلل دماغي، إذا كان لدى المريض أعراض جسدية أخرى مع الانحراف في النظر، وفي حالة إصابة صغير حديث الولادة بالحول بعد ثلاثة أشهر من العمر، من الضروري فحص الطبيب، وعموماً يجب أن يخضع الصغار لفحص العين قبل سن ثلاث سنوات.

يعتمد طبيب العيون عند معالجة مشكلة الحول على استخدام العلاج البصري؛ حيث يجأ إلى النظارات الطبية لحل مشكلة كسل العين كما الحال في الحول التكيفي، بهدف تصحيح انكسارات الضوء الخاطئة، كما يستخدم قطرة لتشويش الرؤية في العين السليمة بغرض نقل تركيز مستوى الرؤية إلى العين المصابة بالحول، لزيادة نشاطها.

تفاوت التعافي

تعد عمليات العضلات البصرية الطريقة الأكثر شيوعاً لعلاج الحول، فالحالة تظهر عندما تكون العضلات المحيطة بالعين ضعيفة أو قوية، والجراحة تقوم بإضعاف أو تقوية أو تبديل بعض العضلات من أجل إعادة التوازن في الرؤية الثنائية.

تجرى الجراحة باستخدام التخدير العام أو الموضعي طبقاً للحالة، وتكون آلام ما بعد العملية بسيطة أو متوسطة، وتعالج بتناول المسكنات العادية، وعادة يحدث احتقان في الملتحمة يشبه التهابها العادي وأحياناً يستمر لأسابيع عدة، ويمكن للمريض العودة لمزاولة نشاطه بعد أيام قليلة من الجراحة، لكن تتفاوت نسبة التعافي من حالة إلى أخرى.

تعمل الجراحة على تحسين حالة الشلل البصري والتقليل من إرهاقه، وإزالة ازدواجية الرؤية، وإعادة تأهيل وظيفة العينين بشكل ثنائي «النظرة الثنائية»، وتوسيع مدى الرؤية الجانبية ومحيط الرؤية، إلى جانب تحسين المظهر الجمالي للعين.

الانحراف الكاذب

يظهر الحول الكاذب في الأطفال الذين لديهم جسر أنفي مسطح، مع وجود طيات بارزة من الجلد فوق الزاوية الداخلية للعين، ونظراً لوجود مساحة بيضاء أكبر في النصف الخارجي للعينين، تظهر العينان وكأنهما تدوران نحو الداخل فيما يمكن أن يشبه الحول الحقيقي، بينما الضوء ينعكس من العينين بشكل متماثل ويكون صورة طبيعية تماماً، وهذا يؤكد أنه حول ظاهري فقط لا يؤثر في الرؤية وليس بمرض.

تعد أسبابه أقل شيوعاً، وعلى سبيل المثال، المواليد الذين يخرجون للحياة قبل موعدهم أحياناً يكون هناك اعتلال في شبكة عينهم فيظهر الحول الكاذب، كذلك ظاهرة الأطفال الآسيويين؛ حيث لديهم طيات لحمية بارزة تظهر عيونهم كأن فيها حول، أو يكون بسبب أورام تنمو في مكان وجود العين بالجمجمة وتسمى بالأورام الحجاجية.

يمكن أن تسبب الشبكية الحول الكاذب، واقتراب أو ابتعاد المسافة بين مركزي حدقة العين أو صغر أو كبر حجم فتحة الجفن، وفي الغالب يختفي تماماً هذا الحول بعد سن السابعة.

يمكن تشخيص الحول الكاذب عند الأطفال يدوياً، بتغطية أحد عيني الطفل وكشفها بالتناوب مع تغطية العين الأخرى وكشفها، وفي الحالتين لا يدير الطفل عينيه لضبط الرؤية، ولزيادة الاطمئنان يجب أن يتم فحص الرؤية بما في ذلك الحول في مواعيد منتظمة طوال فترة الطفولة، خوفاً من أن يتطور الكاذب في وقت لاحق إلى حقيقي.

بؤبؤ العين

يحدث حول العين المفاجئ نتيجة اختلاف في اتجاهات حركة بؤبؤ العين، وانعدام توازنها بشكل غير متوقع، فيتحركان بوقت غير متزامن وبشكل غير متوافق، فقد تتجه إحدى العينين إلى الأسفل لتتمكن من رؤية شيء ما وتبقى الأخرى في مكانها دون حركة، أو قد تتحرك في اتجاه وزاوية مختلفة عن العين الأولى حسب طبيعة الحول الذي أصاب العين.

يتشكل الماء الأبيض حول العين فيسبب الحول المفاجئ؛ حيث يؤدي إلى تعتيم عدسة العين، من الأسباب أيضاً الضعف الحاد في العصب البصري الذي يقوم بتأمين الغذاء والأوكسجين للعين، أو الإصابة بأمراض الشبكية، أو نتيجة الضعف المفاجئ في عضلات العين، وحالة كسلها والخلل في انكسار الضوء المنعكس على العدسة، إلى جانب الأخطاء الناتجة عن بعض العمليات الجراحية، والوراثة فوجود تاريخ لحول العين في العائلة سبب قوي للمرض.

تمتد مضاعفات الحول المفاجئ إلى حدوث التهابات في العين ونزيف الملتحمة، وأحياناً يتعرض العصب المغذي للعين للإصابة، فيسبب ضعفاً حاداً في الرؤية أو العمى، كما يتسبب حول العين المفاجئ بأضرار نفسية واجتماعية جسيمة، فمن الصعب على بعض المرضى التعود على هذا الوضع الشديد الذي أصابه، فيخجل من التعامل مع من حوله، وينزوي ولا يعود لممارسة حياته العادية إلا بعد أن يتم علاجه بالكامل.

يعالج الخلل في انكسارات العين باستعمال النظارة، وتوضع لها عدسات خاصة، وفي حالة وجود الماء الأبيض يحتاج المريض إلى إجراء عملية جراحية لسحبه والتخلص من العتمة، وبالنسبة لكسل العين يقوم الطبيب بالبحث عن السبب الرئيسي الذي أدى إلى هذه الحالة كارتخاء في أعصاب الجفن ومعالجته، مع الحرص على ارتداء النظارة التي يصفها الطبيب.

يحتاج المريض في حالة ضعف العين إلى عملية جراحية، لشد العضلة أو حسب طبيعة الحول، وفي بعض الحالات يلجأ الأطباء إلى حقن المريض بحقن «البوتكس» لشد عضلات العين، لكن نتائجها غير دائمة لذا يحتاج المريض إلى إعادة الحقن بين كل فترة إرخائها وأخرى.

كسل العين

ينتج الكسل عن ضعف الرؤية في إحدى العينين، بسبب نمو بصري غير طبيعي، وتظهر هذه المشكلة في سن الرضاعة ومرحلة الطفولة المبكرة، وهي السبب الرئيسي لضعف الرؤية لدى الأطفال، وأحياناً يؤثر في العينين، وإذا ترك الكسل من دون علاج يتعرض المصاب لفقد البصر بين الخفيف والحاد، إلى جانب مشكلات غير طبيعية في العين.

يحدث الكسل عندما لا يتم تنبيه الممرات العصبية بين الدماغ والعين بشكل ملائم، ويترتب عليه أن يفضل الدماغ عيناً عن الأخرى، وعادة بسبب ضعف الرؤية في العين الأخرى، فتميل العين الضعيفة إلى الزيغ، ويتجاهل الدماغ الإشارات المستلمة من العين الضعيفة المصابة بالكسل.

تظهر العينان وكأنهما لا يعملان بانسجام، ويتجه الزيغ للداخل أو الخارج، ويعاني المصاب من عدم القدرة على الإدراك، وعلى الرغم من تأثير كسل العين على إحداهما، من الممكن أن يؤثر في الاثنتين معاً، وفي بعض الأوقات لا يتم التأكد من كسل العين إلا بعد فحصها.

يعالج الأطباء كسل العين باستخدام لاصقات أوقطرات العين، والنظارات أو العدسات اللاصقة، وتتطلب الحالة في بعض الأحيان العلاج الجراحي، وإذا تم إهمال معالجة الكسل يسبب فقد البصر الدائم، وبصفة عامة يعد كسل العين أكثر الأسباب شيوعاً لضعف الرؤية في عين واحدة لدى الشباب والبالغين ذوي الأعمار المتوسطة.

الجراحة الإضافية

يعمد الأطباء بعد أيام من أجراء العملية الرئيسية، ومن أجل الحصول على توازن أكثر دقة للعينين، إلى إجراء نوع من الجراحة الإضافية بهدف تصحيح وضع العينين بشكل دقيق، وتجرى على مرحلتين، الأولى تعديل وضع العضلات ويستخدم فيها نوع خاص من الخيوط، والثانية تصحيح الوضع، مع الإبقاء على العينين تحت تأثير قطرات التخدير.

لا ينصح بالجراحة إلا في حالات استثنائية؛ حيث ترافقها مخاطر مثل مدى تجاوب المريض مع المخدر بسبب الحساسية، الرؤية الضعيفة المؤقتة، التي يمكن أن تستمر ما بين أسبوع وأسبوعين، ولا يحدث تحسن في ازدواجية العين، مع عدم ضبط توازن العينين بشكل صحيح، والإصابة بالالتهاب، أو التقاط العدوى، تهيج واحمرار في العينين لفترة طويلة بعد العملية، وعدم علاج الحول بنسبة كاملة، ما يدفع المريض لإجراء عملية أخرى لتصحيح النظر تماماً، النزيف، انفصال الشبكية، الصداع لأيام عدة، وكلها مخاطر نادرة، ويستبعد تماماً احتمال فقدان البصر جراء جراحات علاج الحول.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"