قانون الشركات.. فائدة للجميع

22:56 مساء
قراءة 3 دقائق


تمضي الإمارات قدماً نحو مستقبلها بخطط واستراتيجيات ورؤية واضحة، نحو تنمية اقتصادها وتطويره، بما يتناسب والمتغيرات السريعة التي يشهدها الاقتصاد العالمي.
الإمارات التي تمتلك ثاني أكبر اقتصاد عربي، والأول في التنوع، تؤمن برفاهية شعبها ووطنها، لكنها لا تستكين إلى الثبات بل تعي دائماً ضرورات المرحلة، ولهذا تسعى إلى التطوير والتحديث، لتعزيز القيمة المُضافة للاقتصاد الوطني ليبقى في الصدارة، قادراً على مواجهة التحديات ومواجهاً لتغيرات التنافسية سواء الإقليمية أو العالمية.
التغييرات الأساسية التي أدخلتها الإمارات على قانون الشركات التجارية لعام 2015، تأتي من هذه الرؤية وتلك المعطيات، فهي على درجة كبيرة من الأهمية إذ سمح محورها الأساسي بمرونة أكبر في تأسيس الشركات الأجنبية واستقطاب الرساميل من الخارج، وتوطين الرساميل العاملة في البلاد التي جرى استقطابها وتنميتها على مدى العقود السابقة.
التعديلات على القانون كانت واسعة، وشملت 51 مادة وإضافة مواد جديدة، ركزت في معظمها على إعادة تنظيم أحكام تأسيس الشركات ذات المسؤولية المحدودة والمساهمة، بما يعفيها من حد أدنى لنسبة تملك الإماراتيين، وبما يتيح للأجانب تأسيس وتملك الشركات بنسبة 100% من دون الحاجة لاشتراط جنسية معينة.
هذه المادة أثارت بعض ردود الفعل من الذين رأوا أنها تحرم بعض الشركاء المواطنين من رسوم وعائدات نظير شراكتهم «النائمة» مع الأجنبي، حيث ألغت نظام الوكيل، لكنهم لم ينظروا للأمر على أن المعطيات الاقتصادية والاستثمارية قد تغيرت مع نضوج الاقتصاد.
 قانون الشركات أتاح للمواطنين في الثمانينات من القرن الماضي فرض شراكاتهم مع الاستثمار الأجنبي، فالهدف لم يكن جني أرباح بدون عمل، ولكن صقل تجاربهم المتواضعة لحثهم على دخول عالم التجارة واكتساب المهارات والتجارب التي تؤهلهم في مرحلة لاحقة لتأسيس أعمالهم بأنفسهم وخوض عالم المال والأعمال بقوة حتى دون الحاجة إلى الشريك الأجنبي، وهو ما حصل تدريجياً في العقود الماضية في شريحة الشباب الذين أسسوا أعمالهم الخاصة وحققوا نجاحات كبيرة امتدت جغرافياً في مختلف أنحاء الدولة حتى أنها انتقلت إلى الخارج ولقيت توسعاً ونجاحاً هناك.
 من المؤكد أن الوضع الاقتصادي تغير الآن وتقدم نحو الأفضل وبات المواطن تاجراً ورجل أعمال ومبتكراً وصاحب مبادرات مالية وتجارية، بينما الاقتصاد الوطني بات أكثر نضجاً وقوة وتنوعاً، في حين أن الاستثمار الأجنبي أصبح انتقائياً ويبحث عن حمايته القانونية كأولوية بينما تعددت خارطة الفرص المجدية لتتسع رقعتها الجغرافية إلى أماكن أوسع، أما المنافسون من المدن والدول فصاروا أكثر انتباهاً وحاجة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية لتحريك قاعدة اقتصاداتهم.
أمام هذه المعطيات كان لا بد للمشرع الإماراتي أن يعيد النظر بحزمة التشريعات بحيث يجعلها مواكبة للمعطيات الجديدة وأكثر قرباً إلى الواقع، وأكثر ملامسة للمستقبل، بما يحقق الفائدة القصوى للاقتصاد الوطني ويوفر الحماية والمظلة القانونية المناسبة للعاملين فيه سواء من المواطنين أو الأجانب.
المواطنون الآن أمام تحد جديد ينتظره منهم اقتصادهم الوطني، فبعد خوضهم التجارب واكتسابهم المهارات، عليهم الآن إطلاق شركاتهم الوطنية دون الاستعانة بالأجنبي، وبناء مؤسساتهم الخاصة التي تحقق لهم الفائدة، وعليهم منافسة الرساميل الأجنبية بثبات وقوة، فالفرص التي يوفرها الاقتصاد الوطني ونموه المقبل تتسع للجميع وتحتاج إليها فروع الاقتصاد كافة.. إنها فرصة حقيقية لمرحلة جديدة من النجاح.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"