نار العلاج

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

بين طلبات المستشفيات وتعنت شركات التأمين الصحي، يقف المريض حائراً حاملاً أوجاعه، يسري بها ويجيء، من غرفة كشف طبيب طلب من الفحوص أكثرها، وأتبعها «بروشتة» دواء، تشعرك أن حاملها على فراش الموت، إلى صندوق المستشفى، الذي يضرب اتصالاً متبوعاً بآخر، إلى شركة التأمين للحصول على موافقة تغطية، مرهونة بنوع «الضمان الصحي» الذي تبحث الشركات عن أرخصه، للهروب فقط من اشتراطات السلطات المحلية التي ربطت الإقامة بتأمين، تحول بفعل فاعل إلى لا صحي.
هذه الرواية التي تشهدها المستشفيات يومياً، وبطلها المريض، تتشابه فصولها في مختلف مرافقنا الصحية، التي بات أحدنا يحسب ألف حساب قبل حمل أوجاعه والتوجه بها إلى ملائكة الرحمة، الذين يجدون أنفسهم مكبلين بين أنّات مرضاهم، وارتفاع فاتورتهم، وكأن مستشفياتهم تطلب منهم تشغيل مختلف مرافقها، بدءاً بالمختبر، مروراً بقسم الأشعة، وصولاً إلى الصيدلية.
قد يعتقد البعض أن ما يحمله من تأمين، كفيل برد طلبات الأطباء المبالغ فيها، التي قد تتحملها شركات التأمين على مضض، إلا أنه ما إن تكتب له وصفة العلاج، حتى يجد نفسه مجبراً على دفع فاتورة ألم وخز الإبر هباء، وأن معضلته الصحية، يتلخص علاجها ببعض الفيتامينات وحبوب وجع الرأس.
وإذا كان هذا حال حاملي بطاقات التأمين الصحي، فما بالك بغير حامليها، الذين يرثى لحالهم، وتجدهم يعضون على أوجاعهم ويعالج أحدهم آلامه، تارة بوصفة صيدلاني يلعب دور الطبيب وهمّه تصريف دوائه، أو التخفيف بعض الشيء من أوجاع مريض، قرع بابه طلباً لعلاج لا يسعفه دخله على التمتع به في مستشفيات تحولت هي الأخرى إلى مشاريع ربحية صرفة، وتارة أخرى بأطباء «الأون لاين»، الذين يغدقون على مراجعهم بالوصفات نظير مبالغ مالية معقولة.
من الواضح أن هذه العلاقة الجدلية بين المرضى والمستشفيات، سببها الأول الأطباء، الذين ترى بعضهم مدفوعاً بسبب عدم تمتعه بالخبرة الكافية، إلى الإثقال على كاهل المريض بطلب الفحوص، بحجة اكتشاف الداء، غير مكترث، بوضعه المالي، في حين أنه لو أحكم مهنته جيداً، لكان بمقدوره النزول بفاتورة العلاج إلى أكثر من النصف، هذا فضلاً عمّن يتقصد رفع فاتورة العلاج، لكي يحظى بمكانة أرفع لدى إدارة المستشفى، التي تملصت كلياً من مسؤوليتها المجتمعة.
الأمر لا يقف عند هذا الحد، ففارق السعر بين مستشفى وآخر، أو ثمن كشفية المريض، يدعو للتعجب، وكأن الارتقاء بالخدمات لا يكون سوى من خلال جيب المرضى، الذين كتب عليهم الاكتواء بنار أوجاعهم، وفاتورة علاجهم.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"