الأوامر التنفيذية فخ لرؤساء أمريكا

00:32 صباحا
قراءة 3 دقائق
1

راميش بونورو *

وسع آخر رئيسين للولايات المتحدة سلطات مناصبهم مراراً وتكراراً فيما يخص وضع السياسات التي رفض الكونجرس تشريعها. لذا يجب على الرئيس المنتخب جو بايدن، العمل مع الكونجرس لتحقيق توازن أفضل بين دوائر الحكومة الفيدرالية والمؤسسات التشريعية.

كانت أكثر الإجراءات التنفيذية إثارة للجدل تلك التي اتخذها الرئيس باراك أوباما ضمن قراراته الأحادية الجانب، لمنح تصاريح عمل لملايين المهاجرين غير الشرعيين ، بعد أن أمضى الكونجرس سنوات في مناقشة قانون العفو. من جانبه ، أعلن الرئيس دونالد ترامب حالة طوارئ وطنية لتوفير التمويل لبناء أجزاء من الجدار الحدودي مع المكسيك ، ومرة أخرى بعد أن رفضه الكونجرس. كما فرض ترامب رسوماً جمركية على واردات البلاد من الحديد والصلب من معظم أنحاء العالم دون موافقة الكونجرس.

واليوم يحث بعض الديمقراطيين بايدن على إلغاء 420 مليار دولار من قروض الطلاب دون تدخل الكونجرس. وفي حين تبقى مزايا هذه السياسة محل نقاش مكثف ، هناك من المبررات ما يكفي لدفع الحزب الديمقراطي رئيسه الفائز للتصرف من جانب واحد. فالكونجرس المنقسم إلى جانب مجلس شيوخ يسيطر عليه الحزب الجمهوري، لن يوافق على شطب ديون الطلاب وقد يمنع بايدن من تحقيق إنجازات تشريعية أخرى أيضاً. وتبقى الحكومة التنفيذية إلى حد ما نتاج الاستقطاب السياسي.

ولكن أليست صلاحيات الرئيس التي منحته إياها الأوامر التنفيذية سبباً لهذا الاستقطاب؟ الحقيقة أن الرؤساء وأحزابهم ليسوا بحاجة للمساومة مع المعارضة عندما يتمكنون من تنفيذ خططهم بجرة قلم. في الوقت نفسه، يتعين على المعارضة أن تهاجم استئثار الرئيس بالسلطة دون الاضطرار إلى تحمل مسؤولية رسم السياسات المدروسة. ومن هنا يحول النشطاء تركيزهم من إقناع الكونجرس باتخاذ إجراء ما، إلى حمل الرئيس على القيام بذلك. وإذا كان كل رئيس جديد يزيد جرعة الاستقطاب أكثر من سلفه، فقد يكون ذلك جزئياً بسبب تزايد الرهانات على شخصية الفائز في الانتخابات الرئاسية.

والحقيقة أن سلطة الرئيس تكثفت على مر الزمن نتيجة حوادث الأمر الواقع التي تفرض مبررات قد تكون عميقة الجذور في التجربة السياسية. وتقوم وجهة نظر المؤسسين على أن المشرعين يستطيعون حماية حقوق الشعب من قرارات الرؤساء، لكن ماذا لو صار المشرعون أكثر حرصاً على صلاحياتهم باعتبارهم أعضاء في حزب الرئيس، أكثر من كونهم أعضاء في الكونجرس؟ هنا ندخل في تعقيدات توازن السلطة وحقوق وواجبات المؤسسة التشريعية.

يبدو أن تحقيق التوازن يحتاج إلى أكثر من محاولة وبالتالي انتهاز الفرص السانحة للتعديل. ويمكن أن تنطوي الحملات الانتخابية على فرص، لذلك خاصة خلال الحملة الانتخابية التمهيدية. فقد أبدى جو بايدن استعداداً أكثر من الآخرين في حزبه - بما في ذلك، نائبته السناتور كامالا هاريس - للاعتراف بحدود السلطة الرئاسية. وبعد التنقل بين الولايات شرقاً وغرباً يبدو أنه استقر على وجهة النظر الصحيحة القائلة بأن الحكام والمجالس التشريعية للولايات لديهم السلطة الأساسية لإصدار أوامر بارتداء أقنعة للحد من انتشار كوفيد-19. واستند جزء كبير من جاذبية حملته ضد ترامب، إلى تركيزه على تقليص الاهتمام بالبيت الأبيض لصالح المؤسسات التشريعية.

هناك عدد قليل من المجالات، حيث يكون للمشرعين في كلا الحزبين مصلحة في استعادة السلطات المفقودة. فقد صوتت أغلبية من الحزبين في الكونجرس على رفض إعلان الطوارئ الذي استخدمه ترامب لتحويل الأموال اللازمة لبناء الجدار العازل مع المكسيك ، ما دفع ترامب لاستخدام حق النقض. وكان الكونجرس قد منح الرؤساء سلطات طوارئ مطلقة في قانون عام 1976.

ويحاول أعضاء في الكونجرس منهم السيناتور مايك لي، تمرير مشروع قانون لإنهاء حالات الطوارئ بعد 30 يوماً، مالم يصوت الكونجرس على تمديدها. كما طالب أعضاء آخرون بموافقة الكونجرس على أي زيادة في التعرفة الجمركية التي يفرضها الرئيس. ومن شأن مشروع القانون أن يعيد بعض السلطة التي منحها الكونجرس للرئيس في قوانين سابقة.

هناك مشروع قانون آخر قدمه السناتور الجمهوري بات تومي من ولاية بنسلفانيا والسناتور الديمقراطي مارك وارنر من ولاية فرجينيا، يقيد السلطة التي حصل عليها الرئيس من قانون عام 1962 لفرض التعريفات الجمركية لأسباب تتعلق بالأمن القومي. وقد استند ترامب إلى هذه القوة في فرض التعرفة على الحديد والصلب، على الرغم من أن وزارة الدفاع حذرت من أن الرسوم الجمركية ضد الحلفاء قد تقوض بالفعل أمن الولايات المتحدة.

ولا تزال الدعوات لتقليص صلاحيات الرئيس التي تمنحها له الأوامر التنفيذية بين أخذ وردّ وإن كان هناك توافق عام على ضرورة إعادة التوازن في الصلاحيات بين البيت الأبيض والمؤسسات التشريعية للحد من الاستقطابات السياسية التي تهدد وحدة البلاد.

* زميل محاضر في معهد أميريكان إنتربرايز

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"