المهاجرون ينقذون الغربيين من الموت

00:36 صباحا
قراءة 3 دقائق
1

فيليب ليجرين*

يتزايد الاعتماد في رعاية كبار السن على عمال الرعاية الأجانب. وفي إيطاليا، يمثل المهاجرون أكثر من نصف القوى العاملة في مجال الرعاية الاجتماعية.

تشير النتائج المبكرة إلى أن لقاح «كوفيد-» 19الذي طورته كل من شركة «فايزر»، وشركة «بيونتيك»، فعال بنسبة تزيد على 90%. وإذا ثبت أيضاً أنه آمن وحصل على موافقات الجهات التنظيمية قريباً، فقد ينقذ العديد من الأرواح، ويسمح للناس باستئناف حياتهم الطبيعية، ويمنح الاقتصادات المتعثرة فرصة الانتعاش مجدداً. لكن الفضل في هذه الإنجازات منسوب لمهاجرين أتراك يعيشون في ألمانيا يتوجه العالم كله بالشكر لهم.

فقد أسس أوجور شاهين، تركي الأصل، شركة «بيونتيك»، بالتعاون مع زوجته أوزلم توريشي، ابنة الطبيب التركي أيضاً، ونشطا في مجال تطوير علاجات للسرطان. وعندما انتشر خطر الوباء عالمياً، قررا البحث في حل لتوفير علاج يقوم على التقنيات الحيوية، ونجحا في ذلك. من جانبه يتحدر ديريك روس، مؤسس شركة «موديرنا» التي أنتجت اللقاح الثاني من أصل كندي، وشريكه فيها مواطن من أصل لبناني، هو نوبار عافيان، أما رئيسها التنفيذي فهو من أصول فرنسية.

لقد كشفت إنجازات شاهين وتوريشي - التي احتفل بها حتى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي نادراً ما يكون لديه أي شيء جيد يقوله عن المهاجرين، خاصة المسلمين منهم، مغالطة الخطاب المناهض للهجرة في أوروبا، وأمريكا الشمالية.

وفي حين يبدو العديد من الشخصيات المناهضة للهجرة إيجابية حيال المهاجرين ذوي المهارات العالية، إلا أن اختيار شاهين، وأمثاله، لم يكن ممكناً من خلال سياسات الهجرة القائمة على المهارات التي تفضلها العديد من الحكومات في البلدان الغنية. ولو لم يصل شاهين طفلاً إلى ألمانيا لما أدرك العالم أهمية مثل هذه الكفاءات. وعلى الرغم من تألق شاهين الفردي، فمن غير المرجح أن يكون قد حقق الكثير لولا انتقاله إلى ألمانيا، واستفاد من نظام تعليم ممتاز، واغتنم الفرص البحثية والاستثمارية المتاحة.

وفي خضم جائحة فيروس كورونا، حيث تم تقييد التنقل الدولي لأسباب تتعلق بالصحة العامة، والعديد من السكان المحليين غير قادرين على العمل، هناك جوقة متزايدة من أولئك الذين يجادلون بأن الهجرة لم تعد ضرورية. وقد خفض ترامب عدد تأشيرات العمل التي تقدمها الولايات المتحدة، ظاهرياً لأسباب اقتصادية. لكن أليست إنجازات شاهين، وزوجته، مثالاً صارخاً على سوء فهم هذه السياسات، وأضرارها؟

لقد لعبت الشركات التي أنشأها رواد أعمال مهاجرون دوراً رئيسياً في استدامة الاقتصادات ،والمجتمعات هذا العام، في وقت يعمل فيه الكثير من الأشخاص من المنزل، فغالباً ما يعتمدون على منصة «زووم» لمؤتمرات الفيديو التي اجتاحت العالم، وقد أسسها إريك يوان، وهو مهاجر صيني إلى الولايات المتحدة. كما انطلق تطبيق «دوور داش»، الأكثر شهرة في أمريكا لتوصيل الوجبات، على يد مهاجر أمريكي صيني يدعى توني شو، أما «بابل هيلث»، الشركة البريطانية الناشئة التي تُمكن الأطباء من تقديم استشارات للمرضى عبر الإنترنت، فقد أسسها علي بارسا، المولود في إيران.

أضف إلى ذلك، أن ما يقرب من نصف الشركات الناشئة في وادي السيليكون - بما في ذلك «جوجل»، و«تيسلا»، شارك في تأسيسها مهاجرون. وهناك 9 من أصل 14 شركة ناشئة في بريطانيا حققت قيمة سوقية فوق مليار دولار أسسها مهاجرون. ومن اللافت للنظر أن 58 في المئة من المقيمين في الولايات المتحدة الحاصلين على درجة الدكتوراه في علوم الكمبيوتر، ولدوا في الخارج، و6 من كل 10 عمال تكنولوجيا ذوي مهارات عالية في وادي السيليكون هم من المهاجرين. وبالمثل، فإن المركز التكنولوجي في تورنتو بكندا، ومجموعة التكنولوجيا المالية في لندن تدعمهما المواهب الأجنبية بشكل كامل.

وفي القطاع الصحي، يقدم المهاجرون رعاية طبية فائقة، وعلى نطاق واسع. فأكثر من نصف الأطباء الأستراليين ولدوا في الخارج، وكذلك 38 في المئة من الأطباء في مستشفيات المملكة المتحدة، وما يقرب من 30% من الأطباء في الولايات المتحدة الأمريكية. وأغلبية الممرضين، والممرضات مهاجرون أيضاً. 

لا شك في أن رفع قيود الهجرة يستغرق وقتاً أطول بكثير من فرضها. وفي ظل تفشي الوباء قد يتراكم العجز في القوى العاملة في أوروبا، والولايات المتحدة، خاصة إذا فرضت الدول المصدرة للعمالة قيوداً على هجرة مواطنيها نظراً لأهمية دورهم في إعادة بناء اقتصادات بلدانهم بعد الخلاص من تبعات الوباء. فهل يدرك صناع القرار في الغرب أن أرواحهم معلقة بأيدي المهاجرين خاصة الكفاءات الماهرة منهم؟

* مستشار المفوضية الأوروبية فورين بوليسي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"