ليبيا المتعثرة

00:18 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

تبدد تفاؤل الأمم المتحدة بقرب التوصل إلى حل شامل في ليبيا الغارقة في الأزمات والمتعثرة بحروب طاحنة بين فرقائها؛ مع عجزها التام عن إيجاد تقاطعات ونقاط مشتركة بين الأطراف المتناحرة. وعلى الرغم من عديد الجولات التفاوضية والتحركات الهادفة إلى نزع فتيل التوترات، فإنها مملوءة بالشوائب والعثرات، لأسباب كثيرة، منها تدخلات قوى دولية، ترسل مرتزقتها إلى هناك لإفشال أي تقدم محرز في الحوارات التي تقودها المنظمة الدولية، إضافة إلى رغبة روسيا وأوروبا بوضع لمساتهما في أي حل مرتقب؛ بحيث يكون لهما جزء من الكعكة الليبية، أو على الأقل وقف المهددات التي قد تأتيهما منها.

الأزمة الليبية، ازدادت حدة مع استمرار الخلافات السياسية، وعدم وجود جدية للتوصل إلى حل شامل. ويتعاظم القلق من أن يصبح التقسيم الحالي للبلاد أمراً واقعاً تفرضه القوى المتحكمة على الأرض وداعموها من الخارج. هذا القلق أشارت إليه المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني ويليامز، التي قالت إن الوضع في ليبيا لا يزال هشاً وخطِراً، فهذا التصريح يحمل بين ثناياه مؤشرات فشل الجهود كلها في التوصل إلى حل سلمي، خاصة مع انتهاء اليوم الثاني من جولة الحوار الليبي الثانية دون التوصل إلى اتفاق؛ إذ كان يتعين في هذه الجولة التوافق حول آلية الترشح والتعيين إلى الحكومة الجديدة المفترض تشكيلها والمجلس الرئاسي، التي تسبق إجراء الانتخابات المقررة في ديسمبر 2021، وقد سبق هذه الحوارات جلسة أولى وضعت خريطة طريق للفترة التحضيرية قبل الانتخابات. 

لكن النتيجة في كلا الجلستين كانت غير وردية، فالخلافات فيهما ما زالت كبيرة أمام الوصول إلى حل يخرج ليبيا من أزمة الانقسام السياسي.

وإن كانت الاجتماعات العسكرية (5+ 5) نجحت في تثبيت الهدنة، إلا أن الأمر لم يتجاوز ذلك، فقد بقيت الأمور على ما هي عليه، مع الإخفاق في تنفيذ التفاهمات الميدانية على الأرض؛ إذ إن المرتزقة ما زالوا يرتعون، ولم يتم إخراجهم كما هو متفق عليه، إضافة إلى وجود ميليشيات مؤدلجة تريد تثبيت سيطرتها على عموم البلاد وترفض مبدأ الشراكة، وهي غير مؤمنة بدولة المؤسسات، ما يضع المسارات السياسية كلها أمام حتمية الانهيار.

ليبيا تحتاج إلى الاستقلال عن الخارج، وقطع الطريق على الأطراف التي تؤجج الصراعات فيها، أولاً: لإنقاذ الشعب الذي يعيش ظروفاً اقتصادية صعبة، إضافة إلى انعدام الأمان، واستشراء «كورونا» وما تبعه من أزمات، وثانياً: حتى لا تكون بؤرة صراع قد تنقل عدواها إلى دول الإقليم، مع وجود خطر حقيقي على مصر وتونس والجزائر، والتماسك العربي إجمالاً.

كما أن التحرر من التبعية يقطع الشريان عن الميليشيات التي تحكم الدولة بقوة السلاح، وعندها يصبح ثمة بصيص أمل لحل مستدام. وأوروبا أدركت أهمية هذه النقطة، عندما أطلقت عملية «إيريني» الهادفة إلى مراقبة حظر توريد السلاح لليبيا، محققة إنجازات في هذا المضمار، إلا أن ذلك غير كاف، فلا بد من ضغط سياسي دولي بإشراف أممي يمنع أي دولة من تنفيذ مطامعها في هذا البلد المستنزف.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"