عادي

«وجبة طعام» تشعل مواجهة جديدة بين أوكرانيا وروسيا

19:20 مساء
قراءة دقيقتين
أوكرانيا وروسيا

بات الطاهي الشهير في أوكرانيا يفغين كلوبوتنكو في مواجهة مع روسيا بسبب «حساء البورش»؛ بعد مجاهرته بأن هذا الطبق الشعبي المؤلّف من الشمندر والملفوف هو جزء من التراث الثقافي في كييف.
ويقول الشاب البالغ من العمر 33 عاماً، والمتخرّج في مدرسة الطبخ الفرنسية «لو كوردون بلو»: إنني «لا أستسيغ عبارة حرب البورش، لكن هذا هو واقع الحال فعلاً».
وحمل هذا الطاهي الذائع الصيت على منصّات التواصل الاجتماعي الحساء داخل قدر إلى اجتماع في وزارة الثقافة الأوكرانية في تشرين الأول/أكتوبر؛ لإقناعها باقتراح إدراج هذا الطبق في قائمة التراث العالمي غير المادي لليونيسكو التي تضمّ فنّ الطهي الفرنسي والبيتزا كما تصنع في نابولي.
ولم تقاوم الوزارة هذا العرض؛ معلنة عن تحضير ملّف لليونسكو التي ستغلق باب الترشيح في آذار/مارس 2021، وقد شكّلت هذه المبادرة صفعة لروسيا التي تدهورت علاقاتها بكييف إلى أدنى المستويات منذ سبع سنوات.
وكتب سفير روسيا في الولايات المتحدة في تغريدة: «البورش طبق وطني في عدّة بلدان، منها روسيا وبيلاروسيا وأوكرانيا وبولندا ورومانيا ومولدوفا وليتوانيا».

روايات متضاربة
وبعد فترة قصيرة، وصفت الحكومة الروسية البورش بـ «أحد أشهر الأطباق الروسية، وأكثرها استطابة»؛ على حسابها الرسمي في موقع «تويتر».
وبحسب الرواية الأوكرانية، فقد تمّ التطرّق إلى أكلةٍ تحمل هذا الاسم للمرّة الأولى سنة 1548 في مذكّرات مسافر أوروبي اشترى حصّة منها في سوق بالعاصمة كييف، وقد وصلت هذه «الشوربة» إلى روسيا في فترة لاحقة مع وصول الأوكرانيين إليها.
بقيت أوكرانيا التي كانت جزءاً من الإمبراطورية الروسية، ومن بعدها الاتحاد السوفييتي، والتي يتقن عدد كبير من سكّانها الروسية؛ إلى حدّ بعيد ضمن دائرة النفوذ السياسي والثقافي لجارتها القويّة؛ حتّى بعد انهيار الاتحاد سنة 1991.

بلورة هويّة وطنية
تبدّلت الأحوال جرّاء عملية ضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية من جانب روسيا سنة 2014، والحرب الدائرة في شرق البلاد مع الانفصاليين المؤيّدين لموسكو برعاية الكرملين؛ ما أجّج المشاعر القومية ومساعي بلورة هويّة وطنية في البلد.
وبعد قرون من السيطرة الروسية؛ «باتت هويّتنا منقوصة ولم يعد لنا شيء خاص بنا؛ فقد أخذوا منّا كلّ شيء»؛ على حدّ قول كلوبوتنكو؛ والذي يردف قائلاً: «عندما بدأتُ بدراسة فنّ الطهي الأوكراني؛ أدركت أن لا وجود لأطباق أوكرانية؛ فكلّ المأكولات سوفييتية، فالاتحاد السوفييتي ابتلع أوكرانيا، ونحن لا ندري من نكون؛ أو ما أصبحنا عليه».
من جهتها لا تستسيغ أولينا شتشيربان، وهي عالمة إثنيات ومؤرّخة أوكرانية في الأربعين من العمر بدورها وصف البورش بـ «الطبق الروسي»، وربطه بالثقافة الروسية في الخارج، وتقول: «لغتنا وثقافتنا ومأكولاتنا مختلفة».
وتلفت المؤرّخة التي نظمّت طوال سبع سنوات مهرجاناً مخصصاً لهذا الحساء، وفتحت مؤخّراً متحفاً صغيراً حول «البورش» في وسط البلد؛ إلى أنه خلافاً للفرنسيين أو الإيطاليين؛ فإن الأوكرانيين «غير ملمّين بتاريخهم، ولا يفتخرون كثيراً» بأطباقهم المحلية.
وبالنسبة إلى كلوبوتنكو؛ فإن حبّ «البورش» هو من العوامل النادرة التي تجمع الأوكرانيين المنقسمين بشأن مسائل عدّة؛ من التاريخ إلى الجيوسياسة. 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"