في وداع العام 2020

00:41 صباحا
قراءة دقيقتين
كلمة الخليج

خاضت البشرية صراعاً مريراً ومنعشاً وظافراً في بعض جوانبه، منذ بداية العام 2020. وكانت من أبرز عناوينه تفشي «كوفيد19» الذي نشر الذعر والموت كما استنفر روح المقاومة النائمة مع تمدد تداعياته لتشمل جوانب الحياة الصحية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية ودخلت حتى قطاعات الرياضة والثقافة والفنون تحت عباءته وطالت تأثيراته كافة الأمم والشعوب بلا استثناء.

لقد تسلل الوباء إلى كوكبنا بهدوء عبر بوابة ووهان، وكانت شعوب العالم الأخرى تشاهد المناظر الغرائبية لفرق المكافحة الصينية وهي تنتشر في الشوارع وتغلق الأحياء السكنية وتحولها إلى معازل، والجيوش تقوم بتعقيم الشوارع الخالية وتنشئ المستشفيات في الساحات العامة. وكانت الشعوب الأخرى تظن أنها بمأمن مما يجري في الصين. لكن هذه المشاهد غير المألوفة سرعان ما انتشرت في مدن العالم كله وأصبحت الحياة البشرية أسيرة قبضة الوباء الفتاك.

بدأ الوباء في الصين ثم زحف إلى أوروبا والأمريكتين وأستراليا، وأصبحت الكرة الأرضية برمتها منطقة حمراء وشعر سكانها بالحيرة والارتباك وقلة الحيلة إزاء عدو غامض يحصد الأرواح بلا هوادة، تحمله ذرات الهواء وتنقله السفن والطائرات وكل مجالات التقارب بين البشر بعضهم مع بعض.

لكن حالة العجز والشلل لم تستمر طويلاً، فقد تمردت عليها إرادة الإنسان وروح المقاومة وبدأت الحكومات في تطوير وسائل الحماية وتدابير الوقاية مستلهمة النموذج الصيني في بداية طريقها ومستندة إلى المعلومات التي توفرت حول طرق انتشار الفيروس. وقاد كل ذلك إلى اعتماد سياسات إغلاق الحدود بين الدول وتعطيل المطارات والإغلاقات الجزئية والشاملة للمدن والتشديد على سياسات التباعد الاجتماعي بين الأفراد والجماعات.

كانت تدابير الوقاية التي لم تعتدها المجتمعات تهدف أساساً للحماية والتحكم في مستوى تفشي الفيروس ولم تكن هذه الإجراءات بطبيعة الحال كافية للقضاء على الوباء من دون توفر الأدوية المعالجة واللقاحات المضادة. وكانت جهود العلماء المحمومة في هذا المجال هي المعركة الموازية لمعركة سياسات الإغلاق والتباعد، وقد أثمرت جهود العلماء والباحثين قبل نهاية العام في التوصل إلى أنواع مختلفة ومأمونة من الأدوية واللقاحات قد يستغرق توزيعها الأفقي بعض الوقت لكنها توفر مظلة الأمان الدائم.

لقد طرح العام 2020 بما حمله من تداعيات انتشار الوباء تحديات مختلفة، فعلى المستوى السياسي، ارتبطت قضية مشروعية المسؤولين الحكوميين بمدى جديتهم والتزامهم بتطبيق تدابير الحماية لشعوبهم ومدى تعاونهم مع الدول والشعوب الأخرى في احتواء الفيروس وتخفيف آثاره وأضراره الصحية والاقتصادية على الشعوب الأخرى.

من الجانب الآخر، فقد ارتبط وعي الشعوب واستجابتها لإجراءات الوقاية بمدى اقتراب أو ابتعاد الحظر، ومدى إدراكها لأهمية حماية الأشخاص الأكثر ضعفاً ضمن أفراد العائلة وفي نطاقات المجتمع. وشكلت تضحيات الأطباء والعاملين في مجال الصحة حافزاً إضافياً لالتزام الناس بطرق الوقاية لمنع انتشار«كورونا».

يودع العالم 2020 وهو أكثر إيماناً بجدوى التعاون الدولي ونبذ الأنانية في مواجهة التهديدات المشتركة وأشد إيماناً بفكرة المصير الواحد للبشرية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"