عادي

التجارب الجديدة.. طوق نجاة للتخلص من الآثار النفسية لـ «كورونا»

23:21 مساء
قراءة 5 دقائق
1
1

تحقيق: مها عادل
لا شك في أن جائحة «كورونا» التي غزت عالمنا منذ شهور طويلة، ولا تزال تهدد حياة الكثيرين؛ خلّفت العديد من الآثار النفسية والاجتماعية السلبية على أفراد المجتمع من مختلف الفئات والأعمار، ومن أهم المظاهر التي انتشرت مؤخراً زيادة الشعور بالقلق والتوتر والخوف من المجهول والشعور بعدم الأمان من هذا العدو الخفي الذي قد يداهمنا أو يداهم أقرب الناس إلينا من دون سابق إنذار.

في ظل تزايد انتشار الأخبار والتقارير التي ترصد تفاقم أعداد الإصابة بالفيروس في كثير من دول العالم؛ يزداد الشعور بالقلق والاضطرابات النفسية والمشاكل الاجتماعية التي تهدد الاستقرار النفسي والعائلي والاجتماعي، وتقلل من قدرة الفرد على الإنجاز والعمل والعطاء وتحرم البعض أحياناً من النوم أو حتى من القدرة على التخطيط لمستقبلهم في ظل الظروف غير المستقرة التي فرضتها الجائحة على طبيعة الحياة. ولهذا أصبح من الضروري البحث عن وسائل مختلفة وتجارب جديدة لمقاومة هذه الآثار النفسية السيئة وكسر الروتين والملل الذي فرضته الجائحة على حياتنا اليومية.
من خلال هذا التحقيق نسعى للتعرف إلى تجارب بعض العائلات ومحاولاتهم للتغلب على مشاعر القلق والتخلص من التوتر وكسر الملل وتحسين الحياة الاجتماعية والحالة المزاجية.
أيمن عبد القادر اختار أسلوباً ومنهجاً مختلفاً وجديداً بالنسبة له؛ لكسر الملل والروتين وتحسين حالته المزاجية ويقول: أعتقد أنني عالجت نفسي من أعراض القلق المتزايد والتوتر المستمر بأسلوب «الصدمة»، فقد قررت أن أتحدى ذاتي كل فترة في تنفيذ تجربة جديدة لم أختبرها من قبل، وأتحدى خوفي من المجهول وشاركني أصدقائي في تجربة مغامرات جديدة نقوم بها للمرة الأولى فأنا بطبعي شخص يهوى التحديات ونجاحي في كل مرة أجتاز تحدياً جديداً يمنحني المزيد من الثقة بذاتي وبقدرتي على الإنجاز، فمثلاً قررت مؤخراً أن أخوض تجربة القفز بالمظلات في دبي وكان هذا الفعل بالنسبة لي يمثل تجربة جنونية لأنني شخص أخاف جداً من المرتفعات ولكن لا يمكن لأحد أن يشعر بحجم الفخر والسعادة والحرية والانطلاق التي شعرت بها بهذه التجربة الفريدة وتحديت خوفي وخرجت منها بطاقة وحماس كأنني ولدت من جديد. كما خضت أيضاً تجربة الغوص تحت الماء وتلقيت التدريبات والدروس اللازمة لذلك على مدى أيام طويلة واشتركت مع بعض الأصدقاء في هذه التجربة المثيرة وأذهلني قدرتها على تحسين المزاج وحالياً نجحت في رفع مستوى رخصة الغوص التي أحملها بعد أن زادت خبرتي وزاد عدد الغطسات التي قمت بها، وأنظم مع أصدقائي بشكل دوري رحلات إلى أماكن مختلفة لنغوص فيها.
 دواء سحري
من الأنشطة التي لجأ إليها الكثيرون خاصة بعد انتشار جائحة «كورونا» كوسيلة لتجديد الطاقة والتخلص من التوتر وزيادة القدرة النفسية على تحمل الضغوط، كانت اليوجا هي إجابة السؤال عند البعض؛ حيث انتشرت الإعلانات بمواقع التواصل عن تنظيم دروس اليوجا مجاناً عن بُعد وبالشواطئ والحدائق للمبتدئين وللتعرف أكثر إلى تأثير اليوجا على الصحة النفسية والصحة العامة. تحدثنا مدربة اليوجا ماهي ديبالا قائلة: في رأيي اليوجا هي دواء سحري وفعال لكثير من المشاكل النفسية والصحية التي يمر بها الإنسان خاصة في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي لم نكن مستعدين لها، وهي تجربة لم يمر بها العالم من قبل وبالتالي فهي تحتاج لتدابير نفسية مختلفة ومتطورة وإبداعية؛ لمواجهة آثارها السلبية على صحتنا وحياتنا، ولهذا أعتقد أن هذا يفسر اختياز الكثير من المبتدئين لممارسة اليوجا بانتظام؛ لأنها تقدم لهم إجابة عن الأسئلة التي تشغلهم وتؤرقهم، خاصة أن تحسين الصحة البدنية ينعكس بالضرورة على الحالة النفسية، ومن أهم فوائد اليوجا على صحة الفرد ولياقته البدنية أنها تزيد من قوة الجسد وقدرته على التحمل وتكسبه مرونة بالحركة وصلابة في نفس الوقت فهي عبارة عن مجموعة من التدريبات البدنية التي إذا تمت ممارستها بانتظام يكون لها أثرها البالغ على زيادة القوة الداخلية والقدرة على الإنجاز وتحقيق الطموحات كما تحفز نمو العضلات بشكل متناغم وتعزز صحة القلب والدورة الدموية وتقلل كثيراً من الشعور بالآلام وحدوث التهابات وتساهم في إنقاص الوزن وكل من ينتظم في ممارستها يشعر بتحسن كبير في صحته العامة ولياقته بشكل عام.
تقوية المناعة
تحدثنا نجوى الشناوي «ربة بيت» عن خططها للتخلص من التوتر والقلق قائلة: اشتركت قبل أزمة «كورونا» في إحدى صالات الرياضة لتحسين حالتي الصحية وتجديد طاقتي وتقليل وزني أيضاً، ولكن منذ انتشار الجائحة توقفت لشهور وفور إعادة الفتح كان من الضروري العودة لممارسة الرياضة بشكل منظم ليس فقط لتحسين صحتي وتقوية مناعة جسمي، بل أيضاً لتحسين حالتي النفسية التي أصبحت مضطربة كثيراً؛ إذ إني أغضب من أقل الأشياء وأعاني بصفة دائمة التوتر والقلق على أولادي وسلامتهم وعلى صحة والدتي التي لم أعد قادرة على زيارتها والسفر للاطمئنان عليها كما تعودت، وعانيت حالة متزايدة من اضطرابات النوم وأصبحت أشعر بمزيد من التوتر وأنا أتابع كل يوم أرقام الإصابات والوفيات حول العالم. 
وتضيف: بعد استشارة إخصائية نفسية وجدتها تحذرني من الاستسلام لهذه الحالة وطالبت بضرورة تغيير نظام حياتي بشكل مفيد، وبالفعل وجدت ضالتي في ممارسة رياضة المشي في الهواء الطلق بشكل يومي؛ وذلك للمرة الأولى، خاصة بعد تحسن الطقس وأصبحت أخصص ساعة يومياً من أجل ذلك، وأصبحت ساعة الغروب هي موعدي اليومي للاسترخاء وتجديد الطاقة الإيجابية وخاصة أنني أحرص على سماع الموسيقى المحببة التي تساعدني على الاستمتاع برحلتي اليومية التي أعود بعدها لأسرتي وأنا مختلفة وأكثر هدوءاً وأقل توتراً أو قلقاً أو أكثر قدرة على مواجهة ضغوط الحياة.
ضغوط نفسية
ابتسام المنصور «موظفة» تطرح أسلوباً مختلفاً تتبعه لقهر القلق وتحسين الحالة المزاجية وتقول: عانيت كثيراً مثل غيري من مشاعر القلق والضغوط النفسية التي تفرضها علينا تداعيات جائحة «كورونا» من حيث تغيير نمط الحياة وتأجيل كل الخطط والمشاريع التي كنا نحلم بها لأجل غير مسمى حتى تنتهي هذه الظروف القاسية، وبعد عدة محاولات لكسر الروتين بحياتنا والتخلص من التفكير المستمر فيما هو قادم وماذا يمكن أن يحدث وزيادة مشاعر القلق، نصحتني إحدى صديقاتي بالعودة مجدداً لممارسة هوايتي المفضلة وهي الرسم والتي أجيدها منذ الصغر ولكن ضغوط الحياة أبعدتني عنها، وأقنعتني بأن العودة للهوايات هي أفضل وسيلة لتحسين الحالة المزاجية والتخلص من الأفكار السلبية وتجديد الطاقة، وبالفعل قررت منذ شهور شراء احتياجات وأدوات الرسم من جديد والتي كنت قد نسيتها في زحام مسؤوليات العمل والأسرة ودوامة الحياة وتصورت أحياناً أنني فقدت مهاراتي بها، ولكنني فوجئت بنفسي بمجرد أن لمست يدي الفرشاة والألوان قد تفجر بي الحماس والسعادة ما جعلني أكثر راحة وتصالحاً مع الأيام.
وتضيف: خلال الفترة الماضية استفدت من مزايا العمل عن بُعد وخصصت ركناً خاصاً بي في البيت ألجأ إليه لممارسة هواية الرسم التي أصبحت طوق نجاة لي من تصارع الأفكار السلبية برأسي وأصبحت أقضي بهذا الركن ساعات طويلة من دون الشعور بالملل أو التعب وأصبحت لوحاتي هي وسيلتي لإخراج مشاعري وأفكاري وتجسيدها على الورق أو القماس وفوجئت بالتأثير الكبير الذي فعلته هوايتي على حالتي النفسية وعلى علاقتي بزوجي وأبنائي الذين أسعدهم كثيراً استعادتي للتفاؤل والمرح كما أن لوحاتي زينت كل أركان البيت وامتدت إلى منازل أصدقائي وجيراني أيضاً مثلما زينت حياتي بقدر من الطاقة الإيجابية والقدرة على قهر التوتر.
 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"