السلام المهدد في أفغانستان

00:12 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

العودة القوية للعنف في أفغانستان من خلال الأعمال الإرهابية التي ضربت البلاد مؤخراً، مؤشر على أن البلاد لم تخرج بعد من دائرة العنف التي تحصد المزيد من الضحايا الأبرياء وتهدد فرص السلام بالانهيار، التي بدأت تأخذ مساراً أكثر جدية من السابق، خاصة بعد توقيع الاتفاقية بين حركة «طالبان» والإدارة الأمريكية.

كانت محاولة اغتيال نائب الرئيس الأفغاني أمر الله صالح وإصابته بجروح طفيفة إثر تعرض موكبه في العاصمة كابول قبل أشهر لهجوم انتحاري أسفر عن مقتل وجرح 25 شخصاً، بمثابة انتكاسة للجهود الدولية التي تبذل من أجل تحقيق السلام في هذا البلد، الذي لا يزال يسير فوق حقول ألغام تركتها سنوات الحرب الطويلة بين القوى السياسية والدينية فيها، إضافة إلى الاحتلال الأجنبي، إثر الهجمات التي تعرضت لها مدينة نيويورك في الولايات المتحدة عام 2001.

قبل أسابيع عادت أجواء العنف إلى الظهور من جديد، بعد عملية تفجير أودت بحياة العشرات من الضحايا في هجوم استهدف جامعة كابول وتبنّاه تنظيم «داعش» في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، سبقه قبل شهر هجوم عنيف على مركز للشرطة، وخلال الأيام الماضية، شهدت البلاد هجمات جديدة أدت إلى سقوط عدد آخر من القتلى والجرحى، وجميعها أعادت إلى الأذهان أجواء العنف التي كانت تلف الأوضاع في أفغانستان قبل أن يجري الحديث عن مسار سلام يفضي إلى خروج الاحتلال الأجنبي وتقاسم السلطة وفق عملية سلام تشارك فيها الأطراف كافة.

لقيت أحداث العنف السابقة والأخيرة، إدانات من مختلف الأطراف الدولية الفاعلة المعنية بتحقيق السلام في هذا البلد الذي تمزقه الحرب، الحريصة على ضرورة تحقيق المصالحات الداخلية في أفغانستان، وهو ما أكدته دولة الإمارات العربية المتحدة، التي أعربت عن رفضها الدائم لجميع أشكال العنف الذي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار ويتنافى مع القيم والمبادئ الدينية والإنسانية.

ومع أن الجميع يدفع باتجاه تحقيق انفراج في الأزمة الداخلية بأفغانستان، إلا أنه من الواضح أن مسار السلام سيأخذ وقتاً طويلاً نظراً للتباينات التي تتحكم في موقف كل طرف، ويبدو أن الجولات القادمة من المباحثات ستثبت جدية كل طرف في البدء بوضع خطة لوقف دائم لإطلاق النار ونبذ العنف في كامل أراضي البلاد، سواء تلك التي تقع تحت سيطرة الدولة أو تلك التي تتمتع فيها «طالبان» بنفوذ قوي.

مع ذلك فإن صنع السلام، الذي بات مهدداً، لا يقتصر على الحكومة وحركة «طالبان»، فالجميع معنيّ بتحقيقه، خاصة في ظل الاختراق الذي أحدثه تنظيم «داعش»، بعدما بدأ بتسجيل حضور كبير في البلاد خلال السنتين الأخيرتين، ما يشكل عقبة إضافية في الوصول إلى سلام مستدام.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"