عادي

التبرع بالأعضاء..حياة جديدة لآخرين

00:23 صباحا
قراءة 9 دقائق
1

تحقيق: إيمان  عبد الله آل علي

على الرغم من حداثة فكرة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة في الدولة، فإن هناك العديد من الأسر حولت لحظات الحزن برحيل أحد أفرادها، إلى لحظات رحمة؛ عبر التبرع بأعضاء المتوفى بعد رحيله، لينقذوا حياة آخرين عانوا كثيراً على أسرّة المستشفيات، بانتظار الفرج، بزراعة عضو جديد في جسمهم من آخر متوفى، فكانت الحياة من جديد لعضو فارق صاحبه الدنيا، ولحظات أمل تلازم تلك الساعات التي تجرى فيها عملية زراعة عضو، كما أن هناك آخرين يمنحون قطعة منهم من أجل حياة أفضل لقريبهم الذي أنهك المرض جسمه، إلى جانب وجود فئة قررت التسجيل بتطبيق حياة، وإطلاق حملات؛ لتوعية المجتمع بأهمية التبرع بالأعضاء بعد الوفاة.

الحقيقة العلمية حسب الأطباء، فإن المرضى الذين يعانون قصوراً بالقلب في مرحلته النهائية، تكون نسبة احتمال بقائهم على قيد الحياة لمدة عام واحد لا تتجاوز 50٪. إلا أن زراعة القلب تغير تلك النسبة تماماً؛ إذ ترتفع نسبة بقائهم على قيد الحياة لمدة 10 سنوات إلى 75٪. وهذا يُحدث تحولاً كاملاً في حياة المرضى، كماً وكيفاً، هدية رائعة حقاً.


قررت خوض التجربة


أكدت عايدة محمد ( متبرعة بعضو)، أنها قررت التبرع لوالدتها بكليتها، وأن رؤيتها لمعاناة والدتها وهي تجري غسيل الكلى بشكل مستمر؛ دفعها لإنهاء معاناتها، فهي أقرب الناس إليها.
وقالت: كنت دائماً أسمع قصصاً عن التبرع؛ من حيث أنها صعبة وما إلى ذلك، وعلى العكس تماماً، لم أجد أي صعوبة بالقيام بالتبرع أبداً؛ إذ إن كل ما فكرت به هو إنقاذ حياة، وهذا شيء لا يقدّر، ولا يقتصر ذلك فقط على الأقارب؛ بل يجب على الناس أن تدرك أنه باستطاعتهم التفكير بالتبرع بأعضائهم عند الوفاة، لا سمح الله، فهم بذلك يفيدون كثيراً الأشخاص من غير الأقارب، والذين هم بحاجة لذلك، فعندما يفكّر الإنسان بأنه سيساعد شخصاً ما على التخفيف من ألمه، خصوصاً في حالة والدتي؛ حيث كانت تتعذب كثيراً عند غسيل الكلى، أو حتى في حالة زرع أي عضو يحتاج إليه شخص ما، فهذا سينقذ حياة المتبرع له، كما أنه يعطي الشخص المتبرع شعوراً بالفخر والعطاء؛ لذا أنا أشجع الجميع على التفكير والتوجه للتبرع.

عدت للمشي بشكل طبيعي

وأكدت والدتها فاطمة روباري (مستقبل عضو)، أن حياتها تغيّرت بشكل كبير؛ بعد عملية زرع كلية، وتقول: لم أكن أستطيع المشي بسهولة مطلقاً، كنت أمشي مسافات قصيرة جداً؛ لأن نفَسي كان يكاد أن ينقطع في كل مرة، لكن والحمد لله، عدت للمشي بشكل طبيعي وأصبحت حياتي أفضل بكثير مما كانت عليه.
وعن معاناتها قبل التبرع، قالت: كنت أعاني تورماً في القدمين بشكل كبير، وهذا أثر في قدرتي على المشي؛ إذ إني لم يكن بإمكاني النوم بشكل متواصل، وكنت لا أتناول الطعام كثيراً، كما كنت أرفض أن تقوم ابنتي أو أي ولد من أولادي بالتبرع بأحد أعضائهم لي، فأنا أخاف على صحتهم مثل جميع الأمهات؛ لكن أبنائي قاموا بإقناعي بعد جهد كبير، فقبلت، والحمد لله يوجد الآن في جسمي أحد أعضاء أقرب الناس إليّ، وأنا سعيدة حقاً وحبي لها تضاعف.
وأضافت: أوصي القطاع الصحي بالقيام ببذل أكبر جهد؛ لنشر التوعية عن موضوع التبرع بالأعضاء؛ لأن هناك الكثير من الاشخاص الذين يعانون، وليس لديهم علم بتوفر هذه الخبرات والكفاءات في بلدنا الحبيب؛ دولة الإمارات العربية المتحدة، وباستطاعتهم أن يختصروا ما يمكن أن يكون رحلة معاناة طويلة؛ لتصبح أمراً بغاية السرعة والسهولة.

حملة مجتمعية

أطلق مجموعة من الناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي حملة؛ لتشجيع التبرع بالأعضاء بعد الوفاة في دولة الإمارات تحت شعار: #من_أعضائي_أمل. وقال د. سيف درويش رئيس مبادرة من أعضائي أمل، أخصائي طب المجتمع، إن فكرة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة والتسجيل في تطبيق حياة راودتنا من خلال جلسة عائلية، والتطرق لهذا الموضوع؛ حيث وجدت أن ثمة الكثير من التساؤلات المختلفة التي تراود الجميع، كما أن هناك جهلاً ببعض المعلومات، فضلاً عن تداول معلومات غير صحيحة حول الأمر، فهذا دفعني للاطلاع بشكل أكبر وتوضيح تلك المعلومات الصحيحة لأفراد أسرتي، وتشجيع الجميع على التسجيل في تطبيق حياة، وفعلياً سجل 13 شخصاً من أفراد أسرتي بالتطبيق، وثمة 13 آخرين متحمسين للمشاركة؛ لكنهم لم يبلغوا السن القانوني للتسجيل، ووجدت أن الجيل الجديد أكثر رغبة بالتبرع بأعضائه، ليستفيد الآخرون من أعضائهم، ويمنحوا الحياة للمرضى.
وأكد أن الحملة تستهدف تسجيل 5000 شخص؛ لتشجيعهم على التسجيل في تطبيق حياة، عبر اعتماد وسائل التواصل الاجتماعي لمخاطبتهم باستخدام تطبيقات: (إنستجرام وتيك توك وتويتر وفيسبوك ويوتيوب وسناب شات) وكذلك برامج (البودكاست) المختلفة، وكل تطبيق منهم تم عمل استراتيجية مختلفة له تراعي طبيعته وطبيعة متابعيه، فضلاً عن التركيز على المحاضرات التوعوية التفاعلية عن بُعد بالتعاون مع مجموعة من المؤسسات المعنية بالتوعية المجتمعية، وكذلك من خلال المجالس المختلفة المنتشرة في ربوع الدولة.


أجرينا الزرع للأعضاء الرئيسية


وأكد الدكتور بشير سنكري، رئيس معهد التخصصات الجراحية الدقيقة في مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي»، أنه منذ إطلاقنا برنامج زرع الأعضاء في عام 2017، أجرى مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي» 90 عملية زرع، أنقذت حياة الكثيرين.
وبعد التغييرات التي أُدخلت على التشريعات المحلية بالسماح بزرع الأعضاء من المتبرعين المتوفين، أصبحنا المركز الوحيد المتخصص بزراعة الأعضاء المتعددة، في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد أجرينا عمليات زرع لجميع الأعضاء الرئيسية الأربعة وتشمل القلب والكبد والرئتين والكليتين.
وقال: لقد قمنا بزرع 92 عضواً، في مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي». ومع ذلك، فقد استفاد عدد من المرضى، في جميع أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي الخارج، من متبرعين متوفين؛ وذلك بفضل تعاوننا الوثيق مع المركز السعودي لزراعة الأعضاء (SCOT )، وبصفتنا المركز الوحيد، في دولة الإمارات العربية المتحدة، المتخصص في زرع الأعضاء المتعددة، فإننا نقدم الرعاية لعدد من المرضى الذين ينتظرون عمليات الزرع.
ومؤخراً، أجرت فرق من مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي»، ثلاث عمليات زراعة أعضاء مختلفة في يوم واحد، حصل بها ثلاثة أشخاص على فرص جديدة للحياة، وكان ذلك بفضل قلب جديد، وكبد جديد، ورئتين جديدتين (نُقِلَت إليهم).


ثقافة التبرع بالأعضاء


وعن ثقافة التبرع بالأعضاء، قال: يُعَدُّ التبرع بأعضاء الأشخاص المتوفين مفهوماً حديثاً جداً في دولة الإمارات العربية المتحدة، ونحن توقعنا أن يحتاج الناس إلى بعض الوقت؛ لكي يعتادوا على هذا الأمر. غير أن ما وجدناه هو روح حقيقية من الكرم تسود بين الناس؛ وأيضاً، على الرغم من الحزن الذي يحل بهم من حزن لفراق أحبة لهم، وجدناهم وأسرهم يفكرون في أن يجعلوا مما حل بهم من حزن لفراق أحبتهم هديةً تمتد بها حياة أناس آخرين.
ولا يزال أمامنا، في هذا الصدد المزيد مما يجب القيام به، حتى يتفهم الناس أن أمامهم خيارات أخرى متاحة، ليختاروا هذا العمل الذي يتسم بالعطاء والإيثار قبل مماتهم. ومن الأمثلة التي نسوقها لإظهار كيف أن عمليات زراعة الأعضاء تغير حياة من يخضعون لها، أن المرضى الذين يعانون قصوراً بالقلب في مرحلته النهائية، تكون نسبة احتمال بقائهم على قيد الحياة لمدة عام واحد لا تتجاوز 50٪.
إلا أن زراعة القلب تغير تلك النسبة تماماً؛ إذ ترتفع نسبة بقائهم على قيد الحياة لمدة 10 سنوات إلى 75٪. وهذا يُحدث تحولاً كاملاً في حياة المرضى، كماً وكيفاً، هدية رائعة حقاً.
وعن آلية تشجيع المجتمع على التبرع بالأعضاء، قال: في مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي»، نعمل عن كثب مع شركائنا في دائرة الصحة والحكومة الاتحادية، ومقدمي الرعاية الصحية؛ دعماً للسجل الوطني للتبرع بالأعضاء، وللتوعية المجتمعية بموضوع التبرع بالأعضاء. ويمكن لمتبرع واحد أن ينقذ حياة ما يصل إلى خمسة أشخاص، متى تبرع برئتيه وكبده وقلبه وكليته، فكل عضو من هذه الأعضاء يوفر لكل متلقٍ من متلقي تلك الأعضاء شريان حياة جديدة؛ حيث يمده بفرصة لاستئناف حياته والعودة إلى عائلاته.وعن آلية اختيار المريض لعملية زرع الأعضاء، قال: يتم اختيار المرضى لزرع الأعضاء بالنظر إلى حالتهم الطبية، وإجراء تقييم مفصل لأهليتهم لذلك. وبالنظر إلى الطبيعة الخطرة والمعقدة لعملية زرع الأعضاء، فنحن نبحث أولاً عن أي طريقة أخرى تنقذ حياة المرضى، وتمدهم بحياة لها نفس الجودة أو أفضل مما لو أجريت له الزراعة. ثم إذا لم نتمكن من إيجاد بديل، فإننا نجري لعملية الزرع تقييماً شاملاً؛ لتحديد المتطلبات التي تحتاج إليها كل حالة على حدة، ثم نضعها في قائمة الانتظار لإجراء العملية، وعمليات الزرع الأكثر شيوعاً في مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي» هي زراعة الكلى.
ويرجع ذلك إلى انتشار الفشل الكلوي، وإلى أن المتبرعين المتوفين يستطيعون أن يتبرعوا بكليتيهم الاثنتين، فضلاً عن عمليات زراعة (الكلى) التي يتبرع بها متبرعون أحياء؛ إذ يستطيع أي شخص على قيد الحياة أن يتبرع بإحدى كليتيه، لقريب من أقربائه ثم يعيش بعدها حياة صحية طبيعية. 


منسق زرع الأعضاء


وأكدت باسمه خالد القداح، منسق زراعة الأعضاء أن منسق زرع الأعضاء يكون مسؤولاً عن تنسيق تقييم حالات المرضى وإعدادهم لعملية الزرع والإدارة طويلة الأمد لحالات لمرضى بعد الزراعة. ويكون مسؤولاً عن تنسيق رعاية المرضى في مناطق عديدة، مثل: مكتب زرع الأعضاء، والعيادات الطبية المتخصصة الأخرى، ووحدة تمريض المرضى المقيمين بالمستشفى، وعيادات التوعية المجتمعية؛ لتوفير استمرارية رعاية المرضى.
وقالت: نعمل على توعية المرضى وعائلاتهم بكل ما يتعلق بزراعة الأعضاء، بتوضيح ما يضمن نجاح العملية.


حالات وفاة دماغية


استطاعت وزارة الصحة ووقاية المجتمع خلال أقل من عامين بعد إصدار القرار الوزاري لتعريف الوفاة ومعايير الوفاة الحصول على أكثر من ثلاث حالات وفاة دماغية، وتمت الاستفادة من أكثر من 44 عضواً بشرياً وإنقاذ 44 حالة، منها 12 عضواً تم دعم المملكة العربية السعودية بها وهي زراعة قلب وكبد ورئتين وبعض حالات الكلى، مع 3 حالات لزراعة قلب في الإمارات، وسبع حالات زراعة كبد، و4 حالات زراعة رئتين، وحالات أخرى لزراعة الكلية.
حسب الإحصاءات العالمية، ونموذجنا الصين، ذكرت «جمعية الصليب الأحمر» الصينية، أن عدد المتبرعين بالأعضاء المسجلين في الصين تجاوز 2.5 مليون.
وأضافت: إن أكثر من 30 ألف متبرع أكملوا تبرعاتهم بعد الوفاة وأنقذوا حياة أكثر من 90 ألف شخص.
وبدأت الصين في تجريب برنامج التبرع بالأعضاء في عام 2010. وأظهرت الإحصاءات الرسمية أن معدل التبرع بالأعضاء في البلاد ارتفع من 0.03 إلى 4.53 متبرع لكل مليون شخص خلال العقد الماضي.
وينخرط عدد أكبر من الأشخاص في الأعمال المتعلقة بالتبرع بالأعضاء. ويوجد في البلاد الآن أكثر من 2800 منسق للتبرع بالأعضاء و4000 متطوع للتبرع بالأعضاء، وفقاً لتقرير عمل حول التبرع بالأعضاء في الصين على مدى السنوات العشر الماضية.ومن حيث القانون، تمت كتابة التبرعات بالأعضاء في القانون المدني الصيني المعتمد حديثاً. ونصت الفقرات المتعلقة بها على أنه لا ينبغي لأي منظمة أو فرد خداع أو إغراء أو إجبار الآخرين على التبرع بخلايا أو أنسجة أو أعضاء من الجسم أو الجسم كله.
وفي الوقت نفسه، هناك حظر على أي شكل من أشكال التجارة في الخلايا أو الأنسجة أو أعضاء الجسم أو الجسم كله، وفقاً للقانون.
وأشار تقرير العمل إلى أنه من المتوقع أن يرتفع عدد المتبرعين بالأعضاء المسجلين إلى أكثر من 3 ملايين بحلول عام 2024.



تطبيق «حياة» 


وصل عدد الأشخاص الذين سجلوا ضمن تطبيق «حياة» للتبرع بأعضائهم بعد وفاتهم، إلى أكثر من 1050 من جنسيات مختلفة، والبرنامج الوطني للتبرع بالأعضاء يشكل حلاً مستداماً لعدد كبير من المرضى، ويسهم بإعادة الأمل بالحياة، والمستشفيات المعتمدة بالدولة لزراعة الأعضاء؛ هي: مدينة الشيخ خليفة الطبية، ومستشفى كليفلاند كلينيك، ومستشفى المدينة «ميديكلينيك»، ومستشفى الجليلة التخصصي للأطفال، ومستشفى دبي، ومستشفى القاسمي.


إثبات عبر الهوية


أوضح القرار الرقم (25) لسنة 2020، بشأن اللائحة التنفيذية للمرسوم بقانون اتحادي رقم (5) لسنة 2016، بشأن تنظيم نقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية، شروط إثبات التبرع ما بعد الوفاة، فعلى الراغب بالتبرع بأعضائه، أو أجزاء منها، أو أنسجته، بعد وفاته أن يثبت ذلك في بطاقة هويته، وفقاً للقواعد والإجراءات المنظمة لبطاقة الهوية، أو بالتسجيل في الموقع الإلكتروني الذي تحدده الوزارة، أو إثبات ذلك في وصية مكتوبة يشهد عليها اثنان من كاملي الأهلية، وفقاً للنموذج الذي أعدته الوزارة.
ويطبق ذلك أيضاً للذي لا يرغب في التبرع بعد وفاته، ويثبت عدم الرغبة. وفي جميع الأحوال، يجوز العدول عن كليهما، من دون قيد أو شرط، وفقاً للإجراءات السابقة.
وحدد القرار شروطاً للنقل التبادلي للأعضاء والأنسجة البشرية، هي وجود مريضين بحاجة إلى زراعة عضو أو نسيج بشري، ولا توجد صلة قرابة بينهما، حتى الدرجة الرابعة، وأن يتوافر متبرع من جانب كل مريض، على أن يكون قريباً له حتى الدرجة الرابعة، وأن يوافق المتبرعان على التبرع بصفة تبادلية للمريض الآخر الذي لا تربطه به صلة القرابة المذكورة، ويقر الأطباء بأنه يمكن طبياً التبرع لفائدة المريضين بالتبادل، وتقديم تعهد وإقرار من كليهما، بعدم المطالبة بأي تعويض بينهما، بغض النظر عن نتيجة عملية الزراعة.
أفراد الجيل الجديد أكثر رغبة في التبرع بأعضائهم للمحتاجين

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"