عادي

مهدي مانع لـ«الخليج»: «بُنى» تعزز حصة العملات العربية من المدفوعات البينية

23:13 مساء
قراءة 6 دقائق
1

حوار: عبير أبو شمالة

تتطلع مؤسسة «بُنى» للمدفوعات العربية، المملوكة من قبل صندوق النقد العربي، إلى أن تشكل علامة فارقة في قطاع المدفوعات البينية وأعمال المقاصة والتسوية، عبر تمكين المصارف المركزية العربية والبنوك التجارية في المنطقة العربية من إرسال واستقبال المدفوعات البينية بالعملات العربية والدولية في جميع أنحاء المنطقة وخارجها بصورة آمنة وموثوقة وبتكلفة مناسبة وفاعلية عالية. وصولاً إلى تحقيق هدفها الأوسع المتمثل بالمساهمة الفعالة في تعزيز فرص التكامل الاقتصادي والمالي في المنطقة العربية ودعم الروابط الاستثمارية مع الشركاء التجاريين للدول العربية في مختلف القارات.

وتحدث الرئيس التنفيذي لـ «بُنى» مهدي مانع في حوار مع «الخليج» عن المغزى والهدف الكامن خلف إنشاء منصة عربية للتسوية والمقاصة، ما الميزات التفاضلية التي توفرها «بُنى» قائلاً إن هذه المنصة بمثابة طريق سريع يسمح بتسوية المدفوعات فورياً وبشكل مباشر بين كافة الجهات المعنية في أي منطقة من العالم العربي.

يرى الرئيس التنفيذي لـ «بُنى» إن ما تقدمه المنصة من حلول غير مسبوقة وقيمة مضافة لأسواق المنطقة عموماً وللمصارف العربية بشكل خاص، يكمن في قدرتها على توفير خدمات مقاصة وتسوية المدفوعات بالعملات العربية المتعددة إضافة إلى العملات الدولية الرئيسية بشكل فوري ومباشر، وأيضاً بصورة آمنة وموثوقة وبتكلفة مناسبة وفاعلية عالية.

معايير الانضمام

أكد مانع أن نظام عمل المؤسسة الإقليمية لمقاصة وتسوية المدفوعات العربية والأغراض الاستراتيجية التي أنشئت من أجلها، يجعلها منفتحة أمام انضمام كل من يرغب من المصارف إلى منصتها متى ما استوفت هذه المصارف معايير وشروط المشاركة في المنصة، وفي مقدمتها المعايير والإجراءات الخاصة بجوانب الامتثال. بناءً عليه فإن معايير الانضمام إلى «بُنى» ليست جغرافية، فهدف «بُنى» هو بناء شبكة متنوعة من المؤسسات المالية المصرفية، وهي منفتحة وراغبة في ربط كافة المصارف المركزية والتجارية في المنطقة العربية بالمنصة لتمكينهم من إرسال واستقبال المدفوعات البينية في جميع أنحاء المنطقة العربية وخارجها.

وحول العلاقة بين انضمام المصارف العاملة في أي دولة من دول المنطقة إلى منصة «بُنى» واستخدام عملة هذه الدولة كعملة تسوية، نفى مانع وجود أي ترابط بين الأمرين مع عدم إغفاله حقيقة أن ضم أي عملة عربية للمنصة بعد موافقة وتعاون البنك المركزي صاحب الصلاحية، من شأنه أن يشجع ويحفز البنوك التجارية الوطنية على الانضمام إلى المنصة. ويضيف مانع: «قد تغيب عملة عربية معينة عن المنصة كعملة تسوية، لكن هذا لا يحول إطلاقاً دون انضمام البنوك من دولة هذه العُملة إلى المنصة وحصولهم على خدماتها».

الجنيه المصري ثاني عملة تسوية عربية في المنصة بعد الدرهم الإماراتي وتضمين الدينار الأردني والريال السعودي قريباً 

مهدي مانع، الرئيس التنفيذي لـ «بُنى»  

وفي هذا الإطار، أشار مانع إلى نجاح «بُنى» مؤخراً في رفع عدد عُملات التسوية في المنصة إلى اثنتين، بعد توقيع اتفاقية بين صندوق النقد العربي والبنك المركزي المصري، لإطلاق عمليات التسوية بالجنيه المصري، ليكون بذلك الجنيه المصري ثاني عملة تسوية عربية في المنصة بعد الدرهم الإماراتي. وأضاف قائلاً إن المتابعة جارية مع كل من البنك المركزي السعودي والبنك المركزي الأردني، لإنهاء تضمين الدينار الأردني والريال السعودي، ويستمر التواصل مع بعض البنوك المركزية العربية الأخرى، لاستكمال إجراءات تضمين العملات وفتح حسابات بهذه العملات بوصفها عملات تسوية في منصة «بُنى». وفيما يتعلق بتضمين الدولار الأمريكي واليورو، والذي سيتم بالتعاون مع بنوك التسوية المعنية، فهناك تقدم مستمر بالتباحث مع عدد من البنوك العالمية لضمهم كبنوك تسوية ذلك بالتنسيق مع السلطات الإشرافية في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا. كذلك نتواصل مع السلطات المالية العالمية المختصة الأخرى في عدد من البلدان الآسيوية لضم عملتهم إلى المنصة.

70 بنكاً من 11 دولة عربية التحقوا من خلال المباشرة بإجراءات الربط بالمنصة

ولدى سؤاله عن حجم شبكة «بُنى» إلى تاريخه ومدى قدرتها على اجتذاب المصارف العربية؟ قال مانع: «بلغ عدد البنوك الملتحقة من خلال المباشرة بإجراءات الربط بالمنصة، أكثر من 70 بنكاً موزعين على 11 دولة عربية. من الناحية التقنية فإن «بُنى» جاهزة اليوم لإطلاق عملياتها بشكل كامل، لكن من الناحية التشغيلية فنحن نعمل على استكمال بناء شبكتنا من البنوك الأعضاء، أي إنجاز كافة متطلبات ربط الأنظمة وإجراء الاختبارات لهذه البنوك، أو لعدد كافٍ منها لكي نتمكن من تسريع عملية الانطلاق، وهو أمر نتطلع إلى القيام به قبل نهاية العام الجاري».

أما بالنسبة للبنوك الإماراتية، فأكد مانع حرص «بُنى» وتطلعها إلى انضمام كافة المصارف الإماراتية دون استثناء إلى «بُنى»، وقال: «نتقدم بجزيل الشكر لقيادة وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة على استضافة المؤسسة، حيث تتخذ «بُنى» من الإمارات مقراً لها، ونشكر البنك المركزي الإماراتي على تعاونه الدائم انطلاقاً من إنجاز الدرهم الإماراتي كأول عملة تسوية عربية في المنصة ووصولاً إلى دعمه المتواصل لنا وتشجيعه المزيد من البنوك الإماراتية على الانضمام للمنصة بعد أن اقترب 13 مصرفاً إماراتياً من إتمام إجراءات ربطه بالمنصة».

تعزيز استخدام العُملات العربية

وحول حجم وقيمة المدفوعات العابرة للحدود بين الدول العربية، قال مانع: «بلغ عدد هذه المدفوعات (أي العمليات المالية البينية بين الدول العربية) 6.6 مليون عملية بقيمة 5.4 تريليون دولار أمريكي، وذلك مع نهاية العام 2018. وتوزعت النسب من حيث العملات خلال السنة المذكورة على الشكل التالي: 55% دولار أمريكي و13% درهم إماراتي و9% ريال سعودي و5% يورو و5% دينار أردني و5% دينار كويتي».

وأضاف قائلاً، «يهمني الإشارة إلى أن ما نسعى إليه في «بُنى» هو المساهمة بفاعلية في تعزيز حجم وقيمة المدفوعات البينية العربية وتنميتها بشكل دائم وتصاعدي. حيث تشكل «بُنى» من خلال منصتها المركزية للدفع المتعدد للعملات، النظام المتكامل القانوني والتقني والتشغيلي من جهة والآمن والكفؤ من جهة أخرى، الأمر الذي يسمح بتذليل العقبات التي تحول دون استخدام العملات العربية إلى جانب العُملات الدولية الرئيسية الأخرى في عمليات مقاصة وتسوية المعاملات المالية العربية البينية وكذلك المعاملات المالية بين الدول العربية والشركاء التجاريين الرئيسين للدول العربية».

أبرز المعوقات 

ولدى سؤاله عن أبرز المعوقات قال: «تكمن أبرز العقبات في الوقت الذي قد تستهلكه عمليات المقاصة والتسوية الدولية إضافة إلى كلفتها المرتفعة نسبياً، وهو أمر ينعكس على سرعة ونمو أعمال التبادل التجاري ونشاطي الاستيراد والتصدير بين الدول العربية. فعلى سبيل المثال لا الحصر، يستهلك أحياناً وصول البضائع المتبادلة بين الإمارات ومصر وقت أقل من تسوية المدفوعات المتعلقة بهذه البضائع بين مصارف البلدين، في ظل غياب قدرة الطرفين أي الجهة المستوردة والجهة الموردة على التحكم بعملية المقاصة والتسوية التي لا تتم بشكل فوري. أما منصة «بُنى» فهي تتيح تنفيذ هذه العملية بشكل فوري بالعملة المحلية العربية والعُملات الدولية، وبكلفة أدنى بكثير من تكلفة التحويل التقليدية».

مواجهة التحديات

وعن كيفية تعامل «بُنى» مع التحديات المختلفة وأبرزها تحدي الامتثال لقواعد الحوكمة والأنظمة الدولية والمعايير العالمية، والتحدي الذي تمثله شركات التقنية المالية، يجيب مانع قائلاً، «نحرص على التنسيق في المسائل المتعلقة بالامتثال مع السلطات الرقابية المختصة في كافة الدول التي تعمل على ضم عملتها إلى المنصة. كذلك فإن حلول الدفع لدى «بُنى» تتوافق مع المعايير والمبادئ الدولية ومتطلبات الامتثال الدولية، حيث تعتمد «بُنى» أحدث المنهجيات للتحقق من الامتثال. وإلى جانب الامتثال، يشكل الحرص على أمن المدفوعات وأمن المعلومات وخصوصية البيانات عنصراً آخر من عناصر القوة لدى «بُنى»، حيث توفر المنصة أعلى مستويات الأمان التقني».

العملات الرقمية

أما لناحية مقاربة التطور الواسع في مجال العُملات الرقمية من جهة وحلول التقنية المالية من جهة أخرى، فقال مانع، «إن «بُنى» منفتحة على التعامل بالعُملات الرقمية طالما أنها صادرة عن السلطات المالية الرسمية وخاضعة لرقابتها. أما لناحية قطاع التقنية المالية فهو يشكل عنصراً إضافياً ومساحة أخرى لتوسيع قاعدة خدماتنا ومنتجاتنا.

وتدعم «بُنى» الجهود المبذولة في إطار تحقيق الشمول المالي على مستوى المنطقة، سواء عبر دورها المحوري في زيادة عدد وحجم المدفوعات التي تمر عبر الاقتصادات العربية الرسمية، أو عبر المنتجات التي تستهدف الأفراد ويمكن للمنصة أن تقدمها مستقبلاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"