وحيد حامد.. الهرم الذهبي

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

للفن لغة خاصة في التعبير عن المشاعر، يتعلمها الجمهور فيصير شريكاً للفنانين في إرسال إشارات المحبة والتقدير، لغة تنبع من فيض المشاعر فتحرك كل حواس الجسد، تبدأ بالتصفيق ثم الوقوف وتصل في ذروتها إلى تفجر دموع الفرح من العيون. 
ليل الأربعاء الماضي كان استثنائياً، ليس بسبب إقامة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي رغم كل الظروف الصعبة، بل لأن المهرجان ارتقى في ليل الافتتاح بتقديمه أرفع جوائزه «الهرم الذهبي» عن إنجاز العمر، إلى أحد أهرامات الكتابة الدرامية والسينمائية في عالمنا العربي، الكاتب والسيناريست وحيد حامد. ليلة تحدث فيها الجمهور الحاضر في قاعة حفل الافتتاح والجمهور الجالس أمام التلفزيون يشاهد النقل المباشر، لغة فيض المشاعر للتعبير عن كل الحب والإجلال والعرفان لمن أعطانا الكثير ووهب الفن والجمهور رقياً في الكتابة ورشاقة في الكلمة ووضوحاً في الرؤية وإبداعاً في الفكرة وعمقاً في النظرة.. كاتب غير عادي، لأنه قارئ غير عادي للماضي والحاضر والمستقبل، للإنسان والمجتمع، للوطن والقيم والمبادئ، للسياسة والتاريخ.
حضور وحيد حامد متكئاً على عكازه، جعلنا نذرف الدموع، من عرفه والتقاه شخصياً، ومن عرفه والتقاه عبر كلماته وأفلامه ومسلسلاته والشخصيات التي كتبها على ورق ولم تكن إلا من لحم ودم، تشبهنا، ملاصقة لواقعنا، تحكي أوجاعنا وأفراحنا، تتحرك في أحيائنا وشوارعنا، تطل من نوافذنا على حاضرنا، تنام على وسائدنا وتحلم أحلامنا. كلنا بكينا تقديراً لقامته ومكانته، ولأننا نتمسك بكبارنا ونفخر بهم ونخاف على شكل الحياة وطعمها من بعدهم.
لا شك أن وحيد حامد تدرج في الكتابة السينمائية والدرامية، لكنه في عيوننا لم نره إلا كبيراً، مبدعاً، سابقاً لعصره، ثاقب النظرة، «قارئ مستقبل المجتمع والوطن»، جرس إنذار لا ينفك يقرع ويقرع كي نسمعه جميعاً وننتبه، ونلتفت كلما استشعر الخطر في مكان ما. دائماً يسبقنا بخطوات في رؤيته لأحوال المجتمع والسياسة، ربما لشدة تعمقه في دراسة وجوه الناس وأحوالهم، والتغلغل بشفافية إلى أرواحهم ومشاعرهم وأفكارهم.. يمتلك الشخصيات بين يديه، كما تمتلكه هي بأرواحها، يلتحم معها، يتصارع مع بعضها ويتواءم مع البعض الآخر، فيولد سيناريو ويُكتب حوار وتخرج قصة إلى الشاشة فيتسمّر الجمهور أمامها مشدوهاً مبهوراً متشرباً لكل كلمة، متأثراً متفاعلاً، مصدقاً مصفقاً.
وحيد حامد حالة لا تتكرر، علينا أن نعيد مشهد استقبال كوكبة النجوم وكل الحاضرين لحفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي له، تلك الحفاوة ونظرة الإعجاب ودفء المشاعر التي غلفت القاعة لتصل إلى هذا «الكبير» فيدرك مكانته في قلوبنا جميعاً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"