السلام في إثيوبيا

00:30 صباحا
قراءة دقيقتين

صادق ناشر

وضعت الحكومة المركزية في إثيوبيا حداً للأزمة التي ظهرت في إقليم تيجراي، قبل أسابيع، وكان من شأن استمرارها إدخال البلاد في نزاع طويل الأمد بين السلطات المركزية والحكومات الفيدرالية في الأقاليم، في حال تمكن إقليم تيجراي من إنجاح التمرد وفرض معادلة جديدة ستكون تبعاتها خطرة جداً على الأمن والاستقرار في البلاد.

في الخطوة التي أقدمت عليها أديس أبابا لمواجهة إقليم تيجراي، تكمن القدرة على مواجهة الأزمات في بداياتها وعدم تركها تستفحل أكثر فأكثر؛ لأن من شأن ذلك أن يعقّد الوضع ويعرقل مسار الحلول، خاصة إذا تدخلت أطراف خارجية في الأزمة، وكانت بوادر ذلك قد بدأت في الظهور من خلال دعوات صدرت من أكثر من جهة تدعو إلى حوار بين الجانبين.

ويبدو أن رئيس الوزراء آبي أحمد، كان يدرك خطورة الوضع فسابق الزمن لإنهاء الأزمة في أسرع وقت ممكن، وتمكن من إنهاء التمرد وفرض الأمن في إقليم تيجراي، لإدراكه أن التأخير في الحسم قد يضاعف كلفة المواجهة في المستقبل، سواء اقتصادياً أو أمنياً.

بدأت الحياة تعود إلى تيجراي تدريجياً، بعد أن فر قادة الإقليم إلى خارجه، وحلت القوات المركزية لبسط الأمن في المنطقة، والعفو عن بعض المشاركين في التمرد، لكن الأمر لم ينته بعد، فهناك كثير لا بد أن يُنجز، باتجاه مداواة الجراح التي خلفها الصراع بين الإقليم والمركز، وذلك لتفادي تداعياته في المستقبل.

الأهم هو أن تسارع السلطات المركزية إلى معالجة الأسباب التي أدت إلى ظهور هذا النوع من التمرد الداخلي؛ لأن ذلك يقطع دابر من يفكر في انتهاج الأسلوب ذاته الذي اتخذته قيادة إقليم تيجراي، والبحث عن حلول تهدئ حالة الاحتقان، وتنفيذ مصفوفة من المشاريع في مجال البنية التحتية لتأكيد أن التعامل العسكري الصارم لم يكن موجهاً ضد سكان الإقليم؛ بل لقيادته التي اتخذت مساراً مختلفاً ومناهضاً للسياسة العامة للدولة التي بدأت تأخذ مساراً أكثر صرامة في التعاطي مع قضايا الفساد.

على السلطات المركزية أيضاً مهمة مواجهة تداعيات الأحداث الأخيرة، وأبرزها مسألة اللاجئين إلى خارج حدود الدولة، وما يسببه ذلك من أزمة إنسانية بدأت تطفو على السطح خلال الفترة القليلة الماضية؛ إذ إن هناك عشرات الآلاف من الفارين من جحيم المواجهات، وإذا لم تتم معالجة الأسباب التي أدت إلى ذلك النزوح، فيمكن أن يتحولوا إلى قنابل موقوتة.

طريق السلام في إثيوبيا إذاً ينتهي حيثما يحل العدل والإنصاف، وهذا الطريق لا بد أن يسلكه الجميع، سواء من كان في المركز أو في الأقاليم المتمتعة بحكم ذاتي واسع الصلاحيات، وهو ما يعزز النسيج الاجتماعي للدولة ويحمي استقرارها الداخلي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"