سياسات متشددة ضد الصين

00:29 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

لا تزال إدارة ترامب، في ما تبقى لها من أسابيع، تَحمل على الصين ولا تترك مناسبة إلا وتعمل على استفزاز التنين الآسيوي في مسعى لمحاصرته؛ بل وشنت على مدار السنوات الأربع الماضية حرباً على كل المستويات، وكادت أن تتطور إلى صدامات عسكرية بعد تحركات قرب مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي. ومؤخراً اعتمدت واشنطن قيوداً جديدة أكثر صرامة على دخول أعضاء في الحزب الشيوعي الصيني إلى الولايات المتحدة، تزامنت مع انتقاد أمريكي لاجتماع أممي يضم زعماء العالم بشأن جائحة «كوفيد  19»، ورأت واشنطن أن هذه القمة أعدت مسبقاً لإتاحة فرصة لبكين لنشر «دعاية فعالة لخدمة أهدافها». 

لكن اللافت هو أن التحركات الأمريكية الأخيرة ضد الصين، ليست محصورة في إدارة ترامب فقط؛ بل يمكن القول إن هذا الملف اشتركت فيه الإدارات السابقة كافة، فباراك أوباما الديمقراطي، اتفق مع نظيره الصيني شي جين بينج عام 2015، على «قنوات اتصال» لتفادي المواجهة العسكرية بين قوات البلدين في المحيط الهادي، وذلك بعد تصاعد التوتر في بحر الصين الجنوبي، وكذلك حول الجزر التي تتنازع الصين وحلفاء للولايات المتحدة أبرزهم اليابان على ملكيتها، كما توصلا إلى تفاهم مشترك بعدم دعم القرصنة الإلكترونية، في حين أن إدارة بايدن المقبلة، تمتلك موقفاً متشدداً تجاه التصاعد الصيني، و«الخطر» الذي من الممكن أن تشكله على الولايات المتحدة.

التصدي للصين هو التقاطع النادر الذي تتفق عليه الأوساط الأمريكية بتوجهاتها كافة، مع اختلاف أسلوب التعامل وطريقة إدارة هذا الملف الاستراتيجي الذي يؤرق واشنطن، لما يمتلكه العملاق الآسيوي من مكانة اقتصادية وسياسية وعسكرية يمكن أن تهدد نفوذ أمريكا في العالم، وتقلص قطبيّتها المتفردة لصالح تعدد الأقطاب.

ترامب كان أكثر وضوحاً؛ إذ شن حرباً تجارية وفرض الضرائب على الواردات الصينية، كما عزز تحركاته في بحر الصين الجنوبي، وأزعج الصين في هونج كونج، وأخيراً فرض عقوبات على شركة «هواوي»، واتسم خطابه عموماً بالحدية، متهماً شركات الصين بسرقة الوظائف الأمريكية وحقوق الملكية الفكرية.

بايدن يسير على نفس النهج متستراً بالدبلوماسية، وانتقاداته الموجهة لإدارة ترامب في هذا الملف، تتعلق بالطريقة الاندفاعية وليس الجوهر. وفي مقال يتعلق بالشؤون الخارجية نشره الرئيس المنتخب بداية العام الحالي، كتب فيه: «الولايات المتحدة بحاجة إلى أن تكون صارمة مع الصين»، مشيراً إلى أن بكين مستمرة في سرقة التكنولوجيا والملكية الفكرية للولايات المتحدة، ورأى أن مواجهة هذا التحدي تتمثل في بناء جبهة موحدة من حلفاء وشركاء بلاده، لمواجهة السلوكيات التعسفية وانتهاكات حقوق الإنسان في الصين.

المواجهة مع الصين ستستمر مع قدوم بايدن إلى البيت الأبيض، لكن ستأخذ منحى آخر، فالرئيس الجديد سيستخدم أسلوب الشد والجذب في آن واحد، وسيكون متوخياً الحذر في تعامله مع القيادة الصينية التي هي في المقابل، لا تعوّل على إدارته الجديدة، لكنها تراهن على أنها ستكون أكثر وضوحاً وتوقعاً في سياستها الخارجية وعلاقاتها معها. وفي المجمل، فإن القراءات المستقبلية تشي بأن الاحتكاكات ستبرد، بينما سيبقى التقارب مجمداً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"