ملامح العالم المقبلة

00:23 صباحا
قراءة دقيقتين

صادق ناشر

بعد أن بدأت ملامح المعركة ضد وباء «كورونا» تتضح، بالعثور على لقاح أو لقاحات لمواجهته، وبدء عدد من الدول في تلقيح مواطنيها، خصوصاً كبار السن منهم والعاملين في القطاع الصحي، ستنشغل دول العالم الكبرى بترميم الآثار المترتبة على تفشي الوباء، اقتصادياً واجتماعياً ونفسياً، خاصة أن ما حدث كشف عن خلل في أنظمة الرعاية الصحية فيها، وإذا كان الأمر في هذه البلدان التي نسميها متقدمة، فكيف الحال في البلدان التي لا يتوفر فيها الحد الأدنى من الرعاية الصحية؟.

 صحيح أن دولاً عدة نجحت في الحد من تداعيات الوباء، إلا أن نهاية هذه المعركة لا تزال غير واضحة في دول أخرى، تعرف ب«البلدان الهشة»، التي تفتقر إلى أنظمة رعاية صحية قادرة على التعامل مع الوباء، كما أن مضمون التحذيرات التي تصدرها منظمات دولية عدة، من بينها «الصحة العالمية»، من أن مليار شخص قد يصابون بالفيروس، إلى جانب وفاة أكثر من ثلاثة ملايين آخرين، ما يعني أن الوقت لا يزال مبكراً لتفكيك الإجراءات التي تم اتخاذها لمواجهة الوباء، كل ذلك يؤكد أن دول العالم الثالث، ستكون عرضة لأزمات لاحقة، ليست صحية ووبائية فقط، بل واقتصادية وسياسية أيضاً؛ حيث تضررت هذه الدول كثيراً من تفشي الوباء، خاصة في قارة إفريقيا وجزء من قارتي آسيا وأمريكا اللاتينية.

 ربما يتنفس العالم الصعداء أخيراً من مخاوف استمرار تفشي وباء «كورونا»، وهو ما أشار إليه قبل أيام مدير عام منظمة الصحة العالمية، إلا أن الأزمة ستبقى قائمة، وتداعياتها ستضرب استقرار دول لأعوام قادمة، وهو ما يحذر منه الكثير من المراقبين، الذين يخشون من انفلات الأوضاع في عدد من البلدان، خاصة تلك التي تعاني حروباً عبثية لم تتوقف حتى في ظل تفشي الوباء، مثل أفغانستان وسوريا واليمن والصومال، وغيرها من الدول.

 لهذه المعطيات وغيرها، تبدو المعركة ضد «كورونا» في البلدان الهشة، وكأنها مؤجلة، فالعالم منشغل بتأثيرات الوباء على الاقتصاد في البلدان التي توقفت الحياة فيها بسببه، وكل الخوف في أن تبدأ المعركة الكبرى في بلدان لم يصل إليها خطر الوباء بعد؛ لأن ذلك يعني أن الكارثة ستكون أكبر مما هو متوقع.

 وفي حين سيكون العالم المتقدم مقبلاً على تغيير في نمط حياة شعوبه، بعد أن رصد مليارات الدولارات لتوفير لقاحات لكافة الفئات المستهدفة، فإن شعوب العالم الثالث ستكون في انتظار أن تقدم البلدان الغنية المساعدات من أجل تجاوز مخاطر تفشي الوباء؛ لهذا بدت قمة العشرين التي عقدت مؤخراً في السعودية حريصة على أهمية أن يتوفر اللقاح لكافة دول العالم، بما فيها الفقيرة لتجاوز الأسوأ.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"