منطق الاتحاد

00:26 صباحا
قراءة 3 دقائق

عبدالله السويجي

قد يكون تاريخ ظهور دولة الإمارات العربية المتحدة من الناحية الزمنية هو الثاني من ديسمبر من العام 1971، إلا أن الدولة تأسست في وجدان قادة الإمارات وشعبها قبل ذلك بكثير، وهذا ليس من قبيل اللغة الإنشائية والاحتفالية، وإنما من قلب الفلسفة التي تحكم العلاقات بين أبناء المنطقة الواحدة، وهي علاقات تعاون حقيقي يستند إلى الظروف الواحدة التي مرّت بها المنطقة، ولا سيّما الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، والاتحاد كان نتيجة منطقية. 

 وطالما أننا نتحدث في المنطق، فإن الفكر الوحدوي الذي قامت عليه الدولة كان يُترجَم على الأرض بشكل يومي، سواء من حيث التآزر القبائلي أو المصاهرة بين الأسر والعائلات، أو التحالفات التي شهدتها المنطقة للحفاظ على وجودها في مواجهة التحديات التي لم تتوقف منذ ما قبل 49 عاماً حتى يومنا هذا. 

 فقد صاحبت قيام الدولة أحداث إقليمية وقومية، انعكست على أهمية الإسراع في تكوين كيان واحد، والاستمرار في تقوية دعائمه، درءاً للمخاطر، ومحافظة على الخيرات التي بدأت تظهر في باطن الأرض، والتي كانت محط أطماع قوى كثيرة، إقليمية وعالمية.

 فمن حرب أكتوبر في العام 1973 بين عدد من الدول العربية وأهمها مصر من جهة وبين إسرائيل من جهة أخرى، إلى حدوث تغيير جذري في إيران في العام 1979 ورحيل الشاه وقدوم الخميني ونشوء الجمهورية الإسلامية في إيران، إلى اجتياح لبنان في العام 1982 من قبل إسرائيل وخروج المقاتلين الفلسطينيين من بيروت، إلى الحرب العراقية الإيرانية التي أطلق عليها حرب الخليج الأولى في العام 1980 واستمرت ثماني سنوات، إلى حرب الخليج الثانية أو حرب تحرير الكويت من قبضة النظام العراقي في العام 1990، إلى توقيع اتفاقية أوسلو في العام 1993 بين الفلسطينيين وإسرائيل، إلى الحرب التي أسقطت صدام حسين في العام 2003، وما تلا تلك الأحداث من حروب على الجبهة اللبنانية في العام 2006، ثم اندلاع ما يُسمّى ب«الربيع العربي» في العام 2010 ورحيل قادة عرب عن السلطة مثل حسني مبارك والقذافي وبن علي، إلى يومنا هذا الذي يشهد تغييرات إقليمية جذرية، ومنها تقارب عدد من الدول العربية وإسرائيل، ولا ننسى أيضاً الجانب الاقتصادي ولا سيّما الذبذبات التي تعرضت لها أسعار النفط، بل وتراجع الأسعار بشكل دراماتيكي.

 لقد راهن كثيرون على صمود اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، نظراً لعلوّ موجة التغييرات في المنطقة، إلا أن الهم الأكبر للقيادة، كان بمواصلة دعم مسيرة الاتحاد وتنفيذ البرامج التنموية الضخمة، والأهم من ذلك بث روح التفاؤل بين أبناء الشعب، وبناء الإرادة في الأجيال. وكانت النتيجة أن الإمارات، قيادة وحكومة وشعباً، استطاعت التعاطي مع الأحداث المحيطة بحكمة. واللافت للأمر أن المقيمين كانوا يتمسكون أكثر ببقائهم في الإمارات، ولا يزال الجميع، مواطنون ومقيمون، يتحلّون بنفس الصبر والإرادة، ولهذا أسبابه المهمة، من بينها أن المواطنين جعلوا فكرة الوحدة أسلوب حياة، وأصرّوا على ذلك، والمقيمون وجدوا في الاتحاد أملهم، سواء من الجانب الوطني أو الاقتصادي أو الاجتماعي.

 وكما فعلت في السابق تفعل الإمارات اليوم، وأسباب الصمود تتوافر اليوم، إذ يلتف الشعب، المواطن والمقيم، حول قيادة الإمارات، ويساند قراراتها في سياساتها الخارجية، خلافاً لما توقّعه الآخرون الكامنون في الظلام.

من هذا المنطلق، كانت الاحتفالات باليوم الوطني ال49 للإمارات، ترجمة حقيقية لفلسفة الإصرار على فكرة الاتحاد والتمسك بمنطقه.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"