عادي

عذب الكلام

23:56 مساء
قراءة 3 دقائق
1

إعداد: فواز الشعار

لُغتنا العربيةُ، يُسْرٌ لا عُسْرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئَ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحةِ على فضاءاتٍ مُرصّعةٍ بِدُرَرِ المَعْرفَةِ. وإيماناً من «الخليج» بدورِ اللغةِ العربيةِ الرئيسِ، في بناءِ ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاويةً أسبوعيةً تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أمّ اللغات 

من فنون البلاغة ردّ العجُز على الصَّدْرِ، وهو أن تُلفظَ كلمةٌ في الشّطر الأول وتُكرّرَ في الشطر الثاني؛ كقولِ الأُقَيْشر:

سَرِيعٌ إلى ابْنِ الْعَمِّ يَلْطِمُ وَجْهَهُ 

وَلَيْسَ إلى دَاعِي النَّدَى بسَرِيعِ

النّدى: الكرمُ

وقولِ الحلّاج:

تمنَّتْ سُلَيْمى أنْ أموتَ صَبابةً

وأَهْوَنُ شَيءٍ عِنْدنا ما تَمَنَّتِ 

أباحَتْ دَمي إذْ باحَ قلبي بِحُبّها

وحَلَّ لها في حُكْمِها ما اسْتَحلَّتِ

وقولِ عُمرَ بنِ أبي ربيعة:

لَيْتَ هِنْداً أنْجَزَتْنا ما تَعِدْ

وشَفَتْ أنْفُسَنا مِمّا تَجِدْ

واسْتَبَدّتْ مَرَّةً واحدةً

إنّما العاجزُ مَنْ لا يَسْتَبِدّْ

 دُرر النَّظم والنَّثر

ابن زيدون (من الكامل)

ما لِلمُدامِ تُديرُها عَيْناكِ

فَيَميلُ في سُكْرِ الصِّبا عِطْفاكِ

هَلّا مَزَجْتِ لِعاشِقيكِ سُلافَها

بِبَرودِ ظَلْمِكِ أَو بِعَذْبِ لَماكِ 

بَل ما عَلَيْكِ وَقَدْ مَحَضْتُ لَكِ الهَوى

في أَنْ أَفوزَ بِحُظوَةِ المِسْواكِ

ناهيكِ ظُلماً أَنْ أَضَرَّ بِيَ الصَّدى

بَرحاً وَنالَ البُرْءَ عودُ أَراكِ

واهاً لِعَطْفِكِ وَالزَّمانُ كَأَنَّما

صُبِغَت غَضارَتُهُ بِبُرْدِ صِباكِ

وَاللَيلُ مَهما طالَ قَصَّرَ طولَهُ

هاتي وَقَدْ غَفَلَ الرَّقيبُ وهاكِ

وَلَطالَما اعْتَلَّ النَّسيمُ فَخِلتُهُ

شَكوايَ رَقَّت فَاِقتَضَت شَكواكِ

إِنْ تَألَفي سِنَةَ النَؤومِ خَلِيَّةً

فَلَطالَما نافَرتِ فِيَّ كَراكِ

أَو تَحْتَبي بِالهَجْرِ في نادي القِلى

فَلَكَمْ حَلَلْتُ إِلى الوِصالِ حُباكِ

أَمّا مُنى نَفسي فَأَنتِ جَميعُها

 يا لَيْتَني أَصْبَحْتُ بَعْضَ مُناكِ

(البَرود: البارد. والظَّلْمُ: (بفتح الظاء) ماءٌ يَجري على الأسنانِ مِنْ صَفاءِ اللّون) 

من أسرار العربية

في أشْكالِ السّيْرِ وضُروبهِ:

إذا سَارَ القَوْمُ نَهَاراً وَنَزَلُوا لَيْلاً: التَّأوِيبُ. لَيْلاً وَنَهَاراً: الإسْآدُ. مِنْ أوَّلِ اللَّيْلِ: الإدْلاجُ. مِنْ آخِرِ اللَّيلِ: الادِّلاَجُ (بتشْدِيدِ الدَّالِ). مَعَ الصُّبْحِ: التَغْلِيسُ. إذا نَزَلُوا لِلاسْتِرَاحَةِ في نِصْفِ النَّهَارِ: التَّغْوِيرُ. في نِصْفِ اللَّيْلِ: التَّعْرِيسُ.

في أشكال الجلوس: جلسَ عَلَى أَلْيَتَيْهِ ونَصَبَ سَاقَيْهِ وَدَعَمَهُما بِثَوْبِهِ أو يَدَيْهِ: احْتَبَى. مُلْصِقاً فَخِذَيْهِ بِبَطْنِهِ، وجَمَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ: قَعَدَ القُرْفُصَاءَ. جَمَعَ قَدَمَيْهِ في جُلُوسِهِ، وَوَضَعَ إحْدَاهُمَا تَحْتَ الأخْرَى: تَرَبَّعَ. أَلْصَقَ عَقِبَيْهِ بألْيَتَيْهِ: أَقْعَى. وَضَعَ جَنْبَهُ بالأرْضِ: اضْطَجَعَ. وَضَعَ ظَهْرَهُ بالأَرْضِ وَمَدَّ رِجْلَيْهِ: اسْتَلْقى. اسْتَلْقَى وَفرَّجَ رِجْلَيْهِ: انْسَدَح.

هفوة وتصويب

سأضيءُ على كلمةِ «فؤاد»، ومعانيها واشتقاقاتها: 

فَأَدَ الخُبْزَ: جَعَلَه في المَلَّةِ. والمَلَّةُ الرَّمادُ الحارُّ والجَمْر. وفَأدَ اللَّحْمَ في النارِ: شَواه، كافْتَأَدَ، و فَأَدَ فلاناً: أصابَ فُؤادَهُ. وفَأَدَ الخَوْفُ فلاناً: جَبَّنَهُ. وافْتَأَدوا: أوْقَدوا ناراً.

والتَّفَؤُّدُ: التَّحَرُّقُ، والتَّوَقُّدُ؛ والمِفْأدُ: السَّفُود (حَديدةٌ يُشوى بها اللّحْمُ)، والمُفتأَد: موضِعُ الشّواءِ. قالَ النّابغةُ الذّبيانيُّ:

شكَّ الفَريصةَ بالمِدْرى فأنفَذَها

طَعْنَ المُبَيطِرِ، إذْ يَشفي منَ العَضَدِ

كأنَّه خارجاً مِنْ جَنْبِ صَفْحَتِهِ 

سَفُّودُ شَرْبٍ نَسُوهُ عِنْد مُفتَأدِ

ومنه: الفُؤادُ: القَلْبُ، وسُمِّي بذلك لِحرارتِهِ، والجمْعُ: أفْئِدَةٌ، وسمّي القلْبُ بذلك، لأنّهُ خالِصُ كلِّ شيءٍ وأشرفُهُ. وقَلْبُ النخلة: لُبُّها. والقَليبُ: البِئْرُ، قبل أَن تُطْوَى، فإِذا طُوِيَتْ، فهي الطَّوِيُّ، والجمع القُلُبُ.

 أمثال العرب

والمالُ إنْ لمْ تدّخِرْهُ محصَّناً

 بالعلمِ كانَ نهايةِ الإمْلاقِ

والعلمُ إن لم تكتنِفْهُ شمائلٌ

 تُعْليهِ كانَ مطيّةَ الإِخفاقِ

لا تحسبنّ العلمَ ينفعُ وَحْدَهُ

 ما لم يتوِّجْ ربُّهُ بخَلاقِ

الأبياتُ لحافظ إبراهيم، يُشدّد فيها على ترابطِ القيمِ النّبيلةِ؛ فلو امتلكَ المَرءُ المالَ ولمْ يُحَصِّنْهُ بالعِلْم، فلا قيمةَ لهُ وانتهى بصاحبِهِ إلى الفقرِ، والعِلْمُ إن لمْ يُتوّجْ بالأخْلاقِ الفاضلةِ، فلا مَعْنى له كذلك، ولنْ يكونَ نافعاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"