لبنان ورفع الدعم

00:23 صباحا
قراءة دقيقتين

صادق ناشر

كيف يمكن أن يواجه اللبنانيون الخطوة المتوقع أن تُقدم عليها السلطات، برفع دعم أسعار المنتجات والسلع الاستهلاكية الأساسية؟، ما الذي يمكن أن يُحدثه مثل هذا القرار في حال تم تطبيقه، وكيف سينعكس على الاستقرار السياسي والاقتصادي والمجتمعي في بلد يعيش أوضاعاً صعبة على المستويات كافة؟.

من الصعب توقع ما يمكن أن يحدث في حال سار السيناريو في هذا الاتجاه؛ لأن معنى ذلك أن نتائج كارثية ستقع على الفقراء والمحتاجين، وستتضرر منه بشدة الفئات الأكثر عوزاً في المجتمع، ما يعني أن مساحة كبيرة من الأزمات ستشكل خللاً أمنياً يُدخل البلاد نفقاً مظلماً؛ لأنه لم يعد للبنانيين من مكسب سوى الدعم المقدم من قبل الحكومة لبعض السلع، مثل الأدوية والمستلزمات الطبية، والقمح والسكر والوقود، حيث يبلغ الدعم السنوي لهذه السلع 30 مليار دولار، إضافة إلى ملياري دولار دعماً لقطاع الكهرباء، وهو القطاع الذي يعد نافذة مهمة من نوافذ الفساد في البلاد.

من المؤكد أن رفع الدعم الحكومي عن الأسعار ينطوي على مخاطر كبرى تهدد الاستقرار في البلاد، خاصة في ظل غياب أي نظام للمساعدة الاجتماعية أو إجراءات مرتقبة أو حتى نوايا حكومية، لتقديم منح أو معونات اجتماعية أو وضع خطط لدعم الأسر اللبنانية الأكثر احتياجاً على المدى الطويل.

حسب تقييم منظمتي «اليونيسيف» و«العمل الدولية»، العاملتين في لبنان، فإن نسبة 80% من الدعم الحكومي يستفيد منه 50% من السكان الميسورين، في حين أن نسبة 20% فقط من هذا الدعم تذهب للفئات الاجتماعية الأكثر فقراً، وهذا الخلل يعني أن الدعم المقدم لا يذهب إلى الفقراء؛ بل إلى جيوب الأغنياء ومن يمتلكون القدرة على الشراء؛ لأن الدعم لا يستهدف شريحة المحتاجين؛ بل يشمل أفراد المجتمع كافة، ما يعني أنه ليس هناك توازن بين الفئات المستهدفة؛ لأن الأغنياء يستهلكون أكثر من الفقراء بحكم قدرتهم الشرائية المرتفعة، سواء من حيث وقود السيارات أو الخبز أو غيرهما من المنتجات، وهو خلل لم تستطع الحكومات اللبنانية المتعاقبة العمل على حله.

يرسم تقييم المنظمتين صورة سوداوية للوضع الاقتصادي المتأزم في لبنان؛ بل ويدق أجراس الخطر في أوساط النخب الحاكمة والأحزاب السياسية على السواء، ويُبقي البلاد على شفير هاوية يمكن أن تنزلق معها الأوضاع إلى أسوأ مما مرت به خلال العقود الأخيرة، فرفع الدعم عن السلع الأساسية يعني دخول البلاد منعطفاً خطراً تصعب السيطرة عليه في المستقبل.

وعلى الرغم من الأوضاع الصعبة التي يعيشها المواطن اللبناني، فإن أزمته تزداد تفاقماً في ظل غياب حكومة فاعلة قادرة على اتخاذ قرارات تخدم البلاد والعباد، وهذا يعني أن المأساة ستكون مضاعفة، والمخاطر أشد وأكبر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"