عادي
تحديث السلع الأسبوعي من «ساكسو بنك»:

توقعات المعادن الصناعية والنفط 2021

12:12 مساء
قراءة 4 دقائق
توقعات المعادن الصناعية والنفط 2021

* أولي هانسن

ما زالت المحفّزات والأجواء الإيجابية بشأن التوصل إلى لقاح تدفع أسواق الأسهم والسلع نحو الارتفاع، فيما تتراجع قوّة الدولار. ومنذ الإعلان الأول عن لقاح فايزر/ بيونتيك الواعد بتاريخ 9 نوفمبر، دبّت الحيوية في العديد من الأسواق، ولا سيما الأسهم المعنية بالتكنولوجيا وإحدى شركات السيارات، ما أسهم بظهور ظروفٍ تشبه إلى حد كبير الأسابيع التي سبقت انفجار فقاعة التكنولوجيا قبل عقدين من الزمن. ويدفعنا ذلك للاعتقاد بأن الخطورة المتمثلة باصطدام التوقعات الإيجابية بالواقع ستزداد عاجلاً أم آجلاً.
واستجابت السلع الأساسية، وخاصة المعادن الصناعية والنفط الخام ومنتجات الوقود، للتوقعات بازدياد قوة الطلب من آسيا، وعلى رأسها الصين، بمجرّد خروج أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية من سحابة كوفيد-19. ومن هنا، تمكّنت بعض الأسواق، وخاصة قطاع الطاقة، من تجاهل التباطؤ المتجدد في حجم الطلب على الوقود مع استمرار ارتفاع عدد حالات الإصابة والوفيات الناجمة عن فيروس كورونا المستجد.
وواصل الذهب تماسكه، بينما ارتفعت مخاطر زيادة التقلبات جراء النقص الراهن للزخم في وقت انخفاض السيولة هذا العام، وخاصة بعد عودته إلى مستوى الأمان النسبيّ فوق 1850 دولار للأونصة، والذي لم يدم أكثر من يوم واحد. بينما اتجهت أسعار الفضة نحو الانخفاض بعد عجزها عن التمسّك بعتبة 24.80 دولار للأونصة جراء دخولنا في مرحلة من العام تشهد دفاعاً عن الأرباح، حيث يمكن أن يتسبّب نقص الزخم بإحداث تقلّبات كبيرة في الأسعار. وتتمثل الأسواق التي تفتقر للزخم حالياً في المعادن الثمينة وخاصة البلاتين، بينما لم يخترق النحاس بعد المستويات المقلقة للمضاربين من أصحاب عقود الشراء طويلة الأمد.

أسعار المعادن الصناعية 

كما واصلت أسعار المعادن الصناعية ارتفاعها الأسبوع الماضي، حيث دفع المتداولون في آسيا السلع الرئيسية من النحاس إلى الحديد الخام نحو أعلى مستوياتها منذ سبع سنوات. وقفزت أسعار الحديد الخام أكثر من 40% بقيمة وصلت إلى 160 دولار للطن يوم الجمعة في سنغافورة، قبل ظهور بعض عمليات جني الأرباح. وجاء ذلك نتيجة جملة من توقعات انخفاض العرض من شركة فالي، أكبر منتج للحديد في العالم، بعد تراجع الشحنات في نوفمبر من البرازيل إلى أدنى مستوياتها في ستة شهور، وقوة الطلب الصيني المدفوع بمحفزات البنية التحتية، ما أدى لانخفاض المخزونات وتزايد التكهنات بوقوع ارتفاع جنونيّ للأسعار.
ووصلت أسعار النحاس عالي الجودة إلى 8000 دولار للطن تقريباً في بورصة لندن للمعادن، قبل ظهور عمليات جني الأرباح. وفي الوقت نفسه، وصلت تكلفة القطن إلى أعلى مستوياتها في 19 شهراً بعد أن خفضت وزارة الزراعة الأمريكية توقعات مخزوناتها العالمية، وتراجع الإنتاج في عام 2020/2021 إلى أدنى مستوياته في أربع سنوات وسط انخفاض الإنتاج في الهند وباكستان والولايات المتحدة الأمريكية.
وقياساً بدور النحاس في تحديد مدى صحّة الاقتصاد العالمي، ولا سيما الاقتصاد الصيني، يمكن القول بأن القطن يتمتع بالأهمية نفسها من جانب سلوكيات المستهلك، نظراً لاستخدامه في صناعة العديد من منتجات النسيج. وتسلط هذه التطورات الضوء على خطورة تحوّل ارتفاع تكاليف المدخلات إلى موضوع رئيسي في عام 2021.


ارتفاع تكاليف المدخلات

وبالنسبة لموضوع ارتفاع تكاليف المدخلات، شهدنا خلال الشهرين الماضيين ارتفاعاً كبيراً في تكلفة شحن الحاويات من الصين إلى بقية أنحاء العالم. وخلال المرحلة الأولى من الجائحة، دفعت المحفزات والمنح الحكومية في أوروبا والولايات المتحدة نحو تشكيل طفرة هائلة في الإنفاق الاستهلاكي. وانتقل قسم كبير من هذه المحفزات إلى الصين مقابل السلع الاستهلاكيّة، بينما كان الطلب من الصين ضعيفاً نسبياً في نفس الأسواق. وأحدثت هذه التطورات اضطراباً في السوق، حيث تكتظ الموانئ حول العالم بالحاويات الفارغة التي ينبغي أن تعود إلى الصين. وفي النتيجة، ارتفعت تكلفة استئجار حاوية بقياس 40 قدماً من شنغهاي إلى لوس أنجلوس بما يتخطى 4000 دولار أمريكي، وإلى روتردام بما يتخطى 4500 دولار أمريكي، وكلاهما من معدل متوسط لخمس سنوات بمقدار 1500 دولار أمريكي.
ويواصل النفط الخام ارتفاعه؛ وقد شهد الشهر الماضي ارتفاع خامي غرب تكساس الوسيط وبرنت بنحو الربع، وهما الخامان القياسيان العالميان. وعادت أسعار خام برنت هذا الأسبوع إلى 50 دولار للبرميل للمرة الأولى منذ إعلان السعودية عن حرب الأسعار في توقيت غير مناسب في مطلع مارس. وخلال الأسبوع، ارتفعت مخزونات النفط الأمريكية، وتباطأ الطلب على الوقود بشكل أكبر وسط جائحة خارجة عن السيطرة، ما يسلط الضوء على مدى استعداد السوق للنظر إلى ما وراء الأساسيات الضعيفة على المدى القريب نحو توقعات الانتعاش السريع المدفوع باللقاح، ولا سيما في النصف الثاني من عام 2021.

خام برنت 

ونظراً لسلوك خام برنت منذ شهر يونيو حول مستويات فيبوناتشي الفنية الرئيسية، من المنطقي أن نتوقع محاولة السوق للتماسك حول المستويات الحالية. وفيما قد تشهد أسعار أسهم شركات الطاقة ارتفاعاً مدفوعاً بتوقعات انتعاش مستقبلي في أسعار النفط وأرباحه، تحتاج سوق النفط إلى التوازن على أساس يومي تجنباً لتأثر الأسعار سلباً جراء تراكم المخزون. وفي ضوء الرياح المعاكسة الحالية الناجمة عن إجراءات الإغلاق الاحترازية حول العالم، تخاطر أسعار النفط حالياً بالتقدم كثيراً عما يمكن تبريره بالأساسيات الراهنة.

* رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"