مهن في الحروب

01:20 صباحا
قراءة دقيقتين

صادق ناشر

ما الذي يدفع بكثير من الفارين من جحيم الحروب التي يعيشونها في بلدانهم، إلى امتهان أشغال تتنافى مع كثير من قناعاتهم، حتى لو كانت لا تدر عليهم أموالاً طائلة؟.

في موجة الحروب التي تستعر في أكثر من بلد، يختار البعض العمل تحت أقسى الظروف لتوفير ما تحتاجه أسرهم المتلهفة للبقاء على قيد الحياة، بعد أن اضطرتها الحروب إلى الفرار من أراضيها.

ومع أن كثيرين عملوا في مهن متواضعة، لا توفر لهم لقمة عيش كريمة، فضّل البعض الآخر أن يختار وسيلة أخرى للتكسب، ومن بين أسوأها العمل كبنادق إيجار في أيدي دول وجماعات تتاجر بهم تحت مسميات عدة، بعضها للحصول على المال، والبعض الآخر للقتال تحت يافطات دينية، ولهذا عمل هؤلاء مرتزقة يقاتلون في مختلف الجبهات وتُُحرِّكهم الجهات التي يعملون لديها كقطع شطرنج، حيث يتم نقلهم من بلد إلى آخر ومن رقعة حرب إلى أخرى.

هذا بالضبط ما حدث ويحدث مع عدد من السوريين واليمنيين والسودانيين والتونسيين، الذين تم استخدامهم للقتال في جبهات مختلفة في ليبيا وسوريا، ومعظم هؤلاء تحركهم العقيدة الدينية، وكانت آخر المحطات، الحرب بين أرمينيا وأذربيجان في ناجورنو كاراباخ.

تسجل العديد من المنظمات الإنسانية حالات مريعة لعدد من الذين تم الزج بهم في جبهات القتال، حيث فقد كثيرون حياتهم، ومن نجوا رووا كيف تم استخدامهم ورميهم في خطوط النار من دون أن تكون لديهم أية خبرات قتالية احترافية؛ لأن معظمهم دفعتهم الحاجة إلى الحصول على رواتب مغرية توفرها الجهات التي يعملون لديها.

يروي أربعة سوريين كانوا على خط المواجهة في ناجورنو كاراباخ تجربتهم مع جحيم الحرب هناك، بالقول، إنه بعد تجنيدهم للقيام بمهام حراسة في أذربيجان، زُجَّ بهم في المعركة على خط المواجهة دون إرادتهم، كانت الوظيفة مغرية «الوقوف عند نقطة تفتيش عسكرية في أذربيجان، مقابل راتب كبير»، ويقول أحدهم: «أخبرونا بأن مهمتنا ستكون الحراسة على الحدود كقوات حفظ سلام، وعرضوا ألفي دولار راتباً شهرياً، هذا المبلغ ثروة بالنسبة إلينا»، لكنهم بعد أن وصلوا لتسلم «الوظيفة» تم رميهم إلى محرقة الحرب ليواجهوا مصيرهم.

حسب تقديرات هذه المنظمات، فإن ما بين 1500 و2000 شخص بادروا بتسجيل أسمائهم كحراس على الحدود في أذربيجان، وعندما تم نقلهم إلى هناك عبر تركيا، سرعان ما اكتشفوا أنهم نُقلوا إلى خطوط النار وصدرت إليهم الأوامر بالقتال.

هي الحروب إذاً.. لقد دفعت آلافاً من العاطلين عن العمل إلى محارق الموت، وكلما ازدادت اشتعالاً زادت الحاجة إلى مثل هؤلاء المرتزقة، حيث يتم إرسالهم ليُستخدموا وقوداً لحروب لا تُبقي ولا تذر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"