يعيد نفسه أم لا ؟

00:37 صباحا
قراءة دقيقتين

عبد اللطيف الزبيدي

هل العالم مقبل على تحوّلات كبرى؟ البراهين فاضت وطفح كيلها. الفهم هو الذي يتقهقر، والذكاء غير الاصطناعي يتعثّر. ذلك لا يحدث في ديار العالم الثالث فقط، فأهل الريش الحضاري المنفوش، هم أيضاً ينسحب البساط من تحت أقدامهم من حيث لا يعلمون.

 أغرب شيء في تاريخ البشريّة، هو أنه لا شيء يساعد على فهم غرابته. المتأملون فريقان يبالغان. فئة تقول إن التاريخ يعيد نفسه، وهذا افتراء محض، وفئة تدّعي أنه لا يعيد نفسه، وهذا بهتان صريح. نظريّة ابن خلدون، التي توسّع فيها أرنولد توينبي، في بزوغ الحضارة وأفولها، لم تنفع في منع انهيار الإمبراطوريات. كلها نشأت وتوسّعت بطرائق متشابهة، وعندما بلغت الأوج، تقاربت الأخطاء التي أدّت إلى الانهيار. قد يطول الانحدار قرناً، ولكن، لا يُغني حذر من قدر.

 لو كان التاريخ يعيد نفسه، لأمكن إيجاد وصفة فيها وقاية أو علاج. ولو لم يكن التاريخ يعيد نفسه، ما كان ابن خلدون أو توينبي ليجد ما يعينه على تأسيس نظرية تشترك فيها الحضارات.

 الأغرب هو أن تسير القوى الكبرى نحو الانحدار بغير وعي. ما لا تدركه هو أن قفزات التوسّع هي الانجراف نفسه، ولو بدت مراكمة للقوة والقدرة. ما لا تدركه القوّة، هو أن الأمر قانون فيزيائي كونيّ، فلا قدرة على تحدّي الفيزياء الكونيّة. التوسّع الكوني تدفعه طاقة مجهولة، والتوسّع الإمبراطوري تدفعه الغريزة التوسعيّة. للتوسع نهايتان، فإمّا التلاشي وإمّا الانهيار على الذات. هل روما اليوم هي تلك التي كانت كل الطرق تؤدي إليها؟ هل بقي شيء في ذاكرتك من خريطة عالم العصر العباسيّ؟ «لا توحش النفس بهول القياسْ.. فإن درب الدهر صعب المراسْ... واغنم من الحاضر طيب الكرى.. فإنّما الأحلام عند النعاسْ».

 هل تحتاج إلى براهين أسطع من نموذج سلاسة الانتقال الديمقراطي للسلطة في الولايات المتحدة، الذي يتهددها بالحرب الأهلية؟ إضافة إلى وضع اقتصادي كوروني ومديونيّة نجوميّة، مقابل صعود صينيّ كاسح؟ ما رأيك في اتحاد أوروبي يقف على ألمانيا وفرنسا فقط؟ هل يظن العرب أن العالم سيعود كما كان بعد كورونا؟ ماذا عن ثلاثين تريليون دولار خسائر عالمية جرّاء فيروس؟

 لزوم ما يلزم: النتيجة العجائبيّة: سبب إخفاق العرب في «مواجهة التحديات»، هو الانشغال بترديد هذا الشعار.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"