النزوح بعيداً عن الأوطان

00:29 صباحا
قراءة دقيقتين

صادق ناشر

في واحد من مظاهر العجز عن الحد من إنهاء المأساة الإنسانية في مختلف دول العالم، وصل عدد اللاجئين والنازحين إلى ما يقرب من 80 مليون شخص مع حلول منتصف العام الجاري، والذي يعتبره المراقبون مستوى قياسياً في عدد النازحين من أوطانهم لأسباب مختلفة، أبرزها الحروب الدائرة في أكثر من منطقة في العالم، إضافة إلى انتشار وباء «كورونا» الذي أضر كثيراً باقتصادات الدول ودمر كثيراً من العلاقات الاجتماعية فيها.

مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو جراندي أسف لأن يكون العالم قد وصل إلى هذا المنعطف القاتم، على حد وصفه، محذراً من تفاقم الوضع «في حال لم يوقف قادة العالم الحروب»، بسبب عجز الأسرة الدولية عن حفظ السلام، حيث لم تنجح الأمم المتحدة في حل أي بؤرة حرب؛ إذ لا تزال معظم جبهات الحروب مشتعلة، وإذا توقفت في بعضها، فإن ذلك لا يعود إلى دور للمنظمة الدولية، بقدر ما تحسمه دول وفق مصالحها، كما حدث مؤخراً في الصراع حول إقليم ناجورنو كاراباخ، بين أرمينيا وأذربيجان، الذي لم يتوقف إلا بعد أن رمت روسيا بثقلها خلف إسكات المدافع.

وفق تقارير المنظمات الدولية، فإن عدد الأشخاص الذين اضطروا إلى مغادرة ديارهم بسبب الاضطهادات والنزاعات وانتهاكات حقوق الإنسان، بلغ في مطلع العام الجاري 79.5 مليون شخص، فيما تجاوز هذا العدد 80 مليوناً في منتصف العام نفسه، ومن بين هذا العدد 47 مليون نازح داخلياً و30 مليون لاجئ اضطروا لمغادرة بلدانهم، فضلاً عن 4 ملايين طالب لجوء.

 معظم المآسي الناجمة عن الهجرة والنزوح الداخلي تأتي من بلدان العالم الثالث، حيث يسعى كثير من سكانها للهجرة إلى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، وأستراليا ونيوزيلندا، ودول أخرى مستقرة في أمريكا اللاتينية، وحتى قارة آسيا، اعتقاداً منهم أنها السبيل الوحيد لتكوين حياة مستقرة بعد أن فقدت الأجيال الحاضرة الاستقرار المطلوب في بلدانها، وصارت تعيش حالة من اليأس.

خلال العقدين الماضيين تزايدت حالة الفرار والهجرة عبر البحار، وأصبح الآلاف من الشباب يجازفون بحياتهم أملاً في الحصول على فرصة للإقامة في هذا البلد أو ذاك، لكن العديد من هذه المحاولات تنتهي بمآسٍ، خاصة أن هناك من يتاجر بمصائرهم ومستقبلهم.

وقف الهجرات الخارجية والنزوح الداخلي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال وقف الحروب التي تحولت إلى ثقب أسود يلتهم الإنسان والأرض والشجر، وكل شيء له علاقة بالحياة، لكن ذلك لا يمكن أن يتم إلا إذا توفرت إرادة حقيقية لدى أطراف الصراع التي تتقاتل نيابة عن آخرين، وتنفذ أجنداتهم التي تكبر مع مرور كل يوم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"