محاولات عودة «داعش»

00:32 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

يحاول تنظيم «داعش» الخروج من بين الرماد وإعادة تنظيم صفوفه في سوريا والعراق، بعدما تلقى ضربات قاصمة، عبر إنهاء دولته المزعومة، والقضاء على زعيمه أبوبكر البغدادي، فضلاً عن قتل واعتقال العشرات من قادته. بيد أن ذلك كله ليس نهاية المطاف، فالتنظيم مدعم بالعديد من الخلايا النائمة التي لم تتوان عن تنفيذ عمليات إجرامية بين الفينة والأخرى، بينما يعمل في كل الظروف دون كلل لتقوية شوكته، بالعناصر والسلاح الذي يحصل عليه بطرق شتى.

«داعش» استغل تفشي فيروس «كورونا» وانشغال حكومة مصطفى الكاظمي عن محاربته بالشكل المطلوب، ليشن بين الحين والآخر، هجمات لإثبات وجوده، وهذه العمليات تتزامن مع سعيه الحثيث إلى إعادة بناء خطوط دعمه سواء بالسلاح العابر أو الأموال، بعدما جُففت معظم مصادره بالسيطرة الحكومية على أجزاء واسعة على طول الحدود السورية العراقية، لكن ثمة ثغرات عديدة دفعت قيادات عراقية للدعوة إلى تفعيل التنسيق الأمني المشترك بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، من أجل الحد من نشاط التنظيم، خصوصاً في المناطق السائبة، وقطع الطرق على عمليات التهريب من تركيا؛ إذ إن أهم وأول محور من محاور دعم التنظيم يأتي من تركيا، مروراً بمدينتي السليمانية وكركوك، حيث إن الروافد المادية تمر من هذه المناطق، مع وجود فصائل مسلحة تقوم بدور الناقل له، أو من بعض التجار.

مركز «أبحاث تسليح النزاعات» في لندن، كشف أن «داعش» تعامل مع «شبكة من الموردين والفنيين، مكّنته من الوصول إلى ترسانة أسلحة شاملة». وبفضل تلك الترسانة تمكن في 2014 من توسيع رقعة سيطرته على المنطقة باستمرار، لكن هذه الشبكة دُمرت على نحو واسع، بعد حصر التنظيم وتحرير مناطق شاسعة في العراق من قبضته، إلا أن ذلك لم يمنعه من اتخاذ أساليب أخرى لإعادة ترميم ما دُمر، بهدف الانطلاق من جديد، في ظل إقليم غير مستقر، وعراق يعاني خلخلة سياسية وأمنية، تزامناً مع أزمات اقتصادية وحراك شعبي لم تنته فصوله بعدُ لإسقاط الفساد، بينما تعيش سوريا حرباً، وتفقد السيطرة على شمالها لصالح فصائل تسيطر على الشريط العازل مع تركيا، المتورطة بغض الطرف عن عمليات التهريب، في مقابل امتناع التنظيمات ومنها «داعش» عن المساس بأمنها.

لن يعدم التنظيم إيجاد الوسائل لضخ الروح في جسده المتهالك، لكن محاولاته هذه، لا بد أن تقابل بحرب مدمرة على المستويات كافة لاستئصال شأفته، بدءاً من عقد المصالحات في مناطق النزاعات، والنهوض بالبنى التحتية في سوريا والعراق، والسيطرة على الحدود بحزم، والعمل على «التحشيد» العالمي لمنع بعض الدول من دعم التنظيمات الإرهابية التي تستخدمها لتقويض أمن جيرانها.

لكن في حال بقيت الأمور على ما هي عليه، فإن المستقبل يحمل بين ثناياه تشاؤماً، بعودة قوية للإرهاب، تعجز الحكومات عن التصدي لموجاته، والتراخي في المرحلة الحالية الحرجة يعتبر خيانة لدماء الآلاف من ضحايا التنظيم الإرهابي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"