السودان الجديد

00:14 صباحا
قراءة دقيقتين

فيصل عابدون

تحقق للحكومة الانتقالية السودانية الشرط الأهم لإكمال برنامج التغيير بعد توقيع اتفاقات السلام مع المجموعات المسلحة في دارفور والنيل الأزرق، وذلك مع إعلان واشنطن شطب اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للارهاب، وهي خطوة طال انتظارها لإعادة دمج الاقتصاد السوداني في النظام العالمي وجلب الاستثمارات الأجنبية ومعالجة الأزمات والعيوب التي وضعت الدولة واقتصادها على حافة الانهيار والتفكك.

 ووصف وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الخطوة بأنها «تاريخية تمثل تغييراً جوهرياً في علاقاتنا الثنائية نحو زيادة التعاون والدعم للتحول الديمقراطي التاريخي في السودان». وأضاف «تحقق هذا الإنجاز بفضل الجهود التي بذلتها الحكومة الانتقالية التي يقودها المدنيون في السودان لرسم مسار جديد جريء بعيداً عن إرث نظام البشير».

 وثمن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان الخطوة الأمريكية التي توجت جهوداً حثيثة ومتواصلة للمسؤولين الحكوميين في مجموعات العمل الوزارية والدبلوماسية وللإخوة والأصدقاء والشركاء الإقليميين والدوليين الذين دعموا السودان.

لقد وضع رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله حمدوك، برنامجاً من عدد من البنود المحددة لوقف تردي الوضع الاقتصادي وإنقاذه من الانهيار، والسير به في طريق التقدم والازدهار، وتضمنت مهمته أيضاً ضمان سلامة عملية الانتقال الديمقراطي عبر نموذج ناجح للحكم ينهي الدائرة الخبيثة منذ استقلال البلاد عن الحكم الأجنبي المكونة من فترات ديمقراطية قصيرة تمزقها الصراعات تعقبها انقلابات عسكرية تطيح بها ثورات شعبية.

 هذه الدائرة الخبيثة هي المسؤولة عن الوضع المأساوي الحالي للسودان وكان مطلوباً من حمدوك كسرها والخروج عليها عبر نموذج جديد للحكم يحقق الانسجام والتوافق بين المؤسستين السياسية والعسكرية.

 وبالضرورة فقد كان برنامج الاصلاح الذي يحمله حمدوك يشدد على الحفاظ على شراكة الحكم القائمة حالياً بين المكونين المدني والعسكري وتحسين أدائها ومعالجة عيوبها التي تظهر بين حين وآخر على خلفية التاريخ الطويل من غياب الثقة بين الطرفين وحداثة التجربة نفسها على أرض السياسة السودانية. وفي حال نجاح هذا النموذج الجديد ربما يتم في مرحلة التوصل إلى صيغة دستورية تضمن تمثيلًا للمؤسسة العسكرية في أجهزة السلطة العليا وصناعة القرار في الحكومات الديمقراطية.

 كانت أولويات برنامج الحكومة المدنية تتضمن إنهاء مشكلة بقاء السودان في قائمة الارهاب ووقف الحروب الداخلية ومعالجة الأزمات الطارئة في الوقود والخبز وارتفاع الاسعار. وفي يونيو الماضي وصف حمدوك وضع بلاده قائلاً: «نمر حالياً في مرحلة انتقالية، من الحرب والصراع والانهيار الاقتصادي إلى الازدهار ومن الديكتاتورية إلى الحكومة الديمقراطية، ومن العزلة والتهميش إلى الارتباط بالعالم».

 لكن هذا البرنامج واجه صعوبات قاسية وتعرقل أداؤه طوال العام 2020، بسبب المناخ العام الذي فرضته جائحة كورونا على طبيعة العلاقات الدولية وتأثيراتها الهائلة على اقتصادات الدول والشعوب. وفي أعقاب إعلان الحكومة الأمريكية الاثنين الماضي قال رئيس الحكومة عبد الله حمدوك، إن «رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، يساعد على خلق مناخ مختلف جديد تماماً للسودان».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"