نظرة مختلفة إلى يوم العربية

01:07 صباحا
قراءة دقيقتين

عبد اللطيف الزبيدي

كيف مر، أو مرق، الثامن عشر من ديسمبر، من دون أن نشعر فعلاً بأن الأرض «بتتكلم عربي»؟ يبدو أن الذهن لم يكن ينتظر شيئاً غير أن يرى الزمن العربي التنموي النهضوي. 

صاح القلم: كونوا أنتم لغة العصر، لغة عصرية، حينئذ ستجد العربية مكانها ومكانتها تلقائياً. تفكيرك غير سليم، أحلام وأوهام، تصورات مقلوبة، لهذا الأمة مغلوبة. أنتم تتوهمون أنكم تنافسون العالم ولغاته بعظمة اللسان العربي، وهذا كلام مضحك؛ لأن الصحيح العقلاني، هو أن تنافس العربية العالم ولغاته بما للعرب من قوى وقدرات وحضور وفرض وجود وتقدم وتنمية شاملة، وبحث علمي في كل الميادين.

العربية يا عرب، ليست قوة عظمى حتى تنشر الأساطيل في البحر والجو، إلا إذا عهدت بشؤون الدفاع والحرب إلى عمرو بن كلثوم: «ملأنا البرّ حتى ضاق عنا.. وماء البحر نملؤه سفينا». 

إذا صدق اللغويون المعجميون، فإن لنا ترسانة من ألف مرادف للسيف، وقطيعاً من خمسمئة مرادف للأسد الهزبر الليث الضرغام. القائمة طويلة، الرماح العوالي، بيض الصفائح. الله الساتر، فقد يستكثر مجلس الأمن علينا كثرة مستودعات السلاح اللغوي، فيقع العرب تحت البند السابع، فالجبابرة تعلموا القانون الدولي من حكاية الذئب والحمل.

هل تريد أيها العربي، بعد سبات التاريخ الحديث، أن تفرك عينيك فترى طلبة الكوكب يدرسون الفيزياء والأحياء بالعربية، وأن الخوارزميات بعثت الحياة في رميم الخوارزمي؟ المأساة التي من إضاعة الوقت محاولة إفهام الناس إياها، هي أنه ليس مهماً أن يكون لك لسان، بقدر ما المهم أن تكون لك كلمة يسمعها العالم ويعيها. الأهم من أن تصل إلى سمع الدنيا، هو أن تكون لها نفوذ من تألق العلوم وإشعاع الفنون. 

هل يعقل أن يفتتن الصيني ببلاغة العربية؟ هل يُتيّم الألماني بالنحو والصرف العربيين؟ هل يعشق الروسي كثرة المرادفات في لغتنا؟ لكن كل البشرية ستأتي إلى العربية من كل فج عميق، إذا أدركت أن مفاتيح العصر والمستقبل في يديها. مفاتيح آفاق الزمان كلها في إنتاج العلوم، الذي هو شبكة الشرايين الحيوية التي تمد اللغة بالحياة والإشراق الحضاري.

لزوم ما يلزم: النتيجة الواقعية: عندما ترى البشرية أن العربية مجمع قوى الحاضر والآتي، فلا معنى ليوم يُجبر الخواطر؛ يغدو الزمان كله زمانها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"