أمريكا المنقسمة

00:32 صباحا
قراءة دقيقتين

صادق ناشر

كان متوقعاً أن يحصل الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن على أصوات المجمع الانتخابي، والتي قربته بشكل أكبر من البيت الأبيض، رغم المعارك القانونية التي خاضها الرئيس المنقضية ولايته دونالد ترامب، ضد النتائج، بزعم حصول تزوير واسع للأصوات في بعض الولايات، خاصة منها المتأرجحة، حيث رفع فريقه القانوني الكثير من القضايا لإبطالها، لكن لم يكسب الفريق أياً منها.

 ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها الخاسرون للقضاء لإبطال نتائج في الانتخابات، وقد حدثت مرات كثيرة في هذا المجال، لكنها المرة الأولى التي يرفض فيها رئيس الاعتراف بالفائز، بل ويشكك بالنظام الانتخابي بأكمله، لدرجة يصفه بأنه أسوأ من بعض الأنظمة في دول العالم الثالث.

 كان لافتاً وقوع الولايات المتحدة الأمريكية في مثل هذا الانقسام في الشارع، ومرد ذلك إلى التعبئة والحشد الذي قام به ترامب وأنصاره للاحتجاج ضد النتائج، التي أعطت بايدن عدداً كبيراً من أصوات المجمع الانتخابي بواقع 306 مقابل 232 لترامب، كما أنها المرة الأولى التي يتجاوز فيها عدد المصوتين للرئيس المنتخب ال 80 مليوناً، ما يعني أن حدة الاستقطابات السياسية كانت مرتفعة للغاية، سواء خلال عملية التصويت أو ما قبلها وما بعدها.

 لذلك، فإن التحديات أمام بايدن لن تكون سهلة، فهناك قطاع واسع من الأمريكيين يرون أن الانتخابات تم تزويرها، وأن النصر فيها سُرق من الرئيس السابق، وهو ما سيعكس نفسه على مرحلة حكمه، من هنا، بدا بايدن أكثر قلقاً من انعكاس ذلك على مرحلة حكمه للسنوات الأربع المقبلة، من شأنها إجبار البلاد على الانكفاء الداخلي لمعالجة وترميم التصدعات التي أحدثتها المعارك الانتخابية خلال الفترة الماضية.

 من هنا، كان بايدن حريصاً على أهمية أن يعترف ترامب بالهزيمة، وهو ما لم يحدث، حتى بعد أن أقر المجمع الانتخابي النتائج التي كان يراهن الأخير على قلبها، رغم أن هناك أملاً أخيراً يتشبث به لعمل ذلك، والمتمثل في اجتماع الكونجرس في السادس من يناير/كانون الثاني المقبل للتصديق النهائي عليها.

 من المؤكد، أن أمريكا قبل مجيء ترامب إلى السلطة عام 2016 لن تعود كذلك، فالانقسامات والمعارك القانونية أحدثت شرخاً كبيراً في المجتمع، وسيحتاج بايدن إلى فترة أطول من المتوقع لمعالجتها، وقد لاحظنا خلال الأسابيع القليلة الماضية أن عدداً من الولايات، على رأسها تكساس، المعقل الرئيسي للجمهوريين، طالبت بإبطال النتائج، معتبرة الانتخابات مزورة، ما يعني أن بايدن سيواجه صعوبة في ترويض هذه الولايات خلال ولايته.

 ترامب خسر معركته مع الانتخابات، لكن المعركة ستغير بلاشك وجه أمريكا لعقود طويلة، وقد تدفع الأمريكيين إلى إعادة النظر في الدستور الذي لم يطرأ عليه تعديل منذ تأسيس البلاد قبل ما يقرب من 250 عاماً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"