العربية.. ينبوع الخيال

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

محمد عبدالله البريكي 

بلغت اللغة العربية ذروتها وكمالها في العصر الإسلامي؛ عندما شرفها القرآن، وجاء بيانه بلسانها، فاتسعت مفرداتها، وحلقت في آفاق الكون، وهي متنوعة المصادر تغزو العقول بحضارة، وتمتع الأفئدة بترنيماتها الجمالية وكلماتها المموسقة ومن ثم ثراء مفرداتها، وقد استطاع الشعر أن يوسع من هذه اللغة ويفجر ينبوعاً من الخيال المتدفق وهو يتراقص على الأنغام التي تملك القدرة على إبهار السامعين، فالعربية على مدار تاريخها وهي تبحر بالعلماء والباحثين والمثقفين إلى عوالم الدهشة لاتساع مفرداتها وسهولة التعبير بها في شتى الصور، ما يملأ روح الذين يتعاملون مع موازينها الصرفية وسلاستها التعبيرية بالجمال الحقيقي، وفي هذا العصر الذي صعدت فيه وسائل الاتصال الحديثة، تمكنت هذه اللغة من القلوب، وأصبحت محور التعبير فيما يدور في هذا العالم الذي غير طبيعة الحياة الرتيبة، ومع كل هذه التطورات في شبكة العلاقات الإنسانية والاجتماعية والعالمية، يتعالى صوت العربية في الأقطار الناطقة بها، وتبلغ الحفاوة بها مبلغاً كبيراً لتختلف طرائق التدريس، وتتطور في سباق محمود بحثاً عن عالمية هذه اللغة وصمودها أمام اللغات الأخرى، لكن ما يثلج الصدر ويملأ القلب سعادة هو أنها أضحت اللغة الرابعة ضمن اللغات الأكثر استخداماً على شبكة الإنترنت، وهو في حد ذاته أمر مبشر نحو تقدمها على المستويات كافة، فالأمل معقود في ظل تعلم غير الناطقين بها لوصولها إلى العالم كله، فنحن أمام لغة تمتلك كل مقومات الجمال، وكل الذين يتعاملون بها كتابة ونطقاً يعرفون عن كثب أنها تحتوي على مقدرات بلاغية تفوق الخيال، ومستويات بنائية تتسق مع طلاقتها التعبيرية وثرائها اللامعقول، وقد أجمع البلاغيون وعلماء اللغة في العالم على أنها لغة المستقبل، لذا يحرص الكثير من الحكومات الغربية على فتح المجال أمام الراغبين لكي يتعلموا قواعدها ويتمكنوا من التحدث بها.
كما أننا لا يمكن أن نغفل في أسبوع اللغة العربية هذا التوافق الذي حدث بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في استخدام مفرداتها للتعبير عن الهواجس وطرح الموضوعات، وهو ما يشجع الألسنة على النطق بها بسلاسة، وفي خضم ذلك تأتي المواقع الإخبارية والمنوعة التي أضحت همزة وصل بين القراء وجماليات هذه اللغة، ما يوسع من دائرة التقارب اللغوي، ويفتح المجال أمام تدفق العربية وسريانها بأسلوب ممنهج في كل مكان، وهو ما يؤكد أن هذه اللغة العالمية- لغة أهل الجنة - هي المستقبل المنظور في عالم يسعى لامتلاك أدواتها ويرغب في التعرف إلى أساليبها الخلابة.
إن المبادرات العربية التي تمضي نحو تجديد العربية تسهم في انتشار لغة الضاد انتشاراً إيجابياً، خصوصاً أن حركة ترجمة الكتب العربية إلى اللغات الأخرى شهدت تطوراً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، لذا فإن التوجه نحو الاستثمار في العربية والاعتماد على أنظمة تكنولوجية من العوامل الرئيسية نحو ازدهارها على المستوى العالمي، لأن منطلقاتها تنبع في الأساس من البلدان الناطقة بها.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"