إغلاق المملكة المتحدة يزيد التوقعات الاقتصادية سوءاً

22:28 مساء
قراءة 3 دقائق
1

محمد العريان *

يخاطر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون وأعضاء حكومته بأضرار سياسية كبيرة نتيجة قرارهم الأخير بفرض قيود صارمة للغاية على لندن وأجزاء من جنوب شرق إنجلترا، وسحب جزء كبير من التسهيلات الاجتماعية التي أعلنوا عنها لتجمعات عيد الميلاد.

ومع ذلك، كما قال جونسون في إحاطته الإعلامية، «عندما يتغير العلم، يجب علينا تغيير استجابتنا». ستظهر العواقب خارج دائرة السياسة والتفاعلات الاجتماعية والصحة العقلية. وستلعب النتائج أيضاً دوراً في التوقعات الاقتصادية التي من المرجح أن تتدهور من حيث الحجم والنطاق، على الصعيدين الوطني والعالمي.

يعود سبب الإغلاق إلى اكتشاف سلالة جديدة من فيروس «كورونا». يُقال إنها تنتشر بشكل أسرع وتشكل بالفعل أكثر من 60% من الإصابات الجديدة في لندن. على هذا النحو، ومرة أخرى نقلاً عن جونسون: «عندما يغير الفيروس أسلوب هجومه، يجب تغيير طريقة دفاعنا».

قد يثير الشكل الجديد أيضاً للفيروس أسئلة حول العلاجات ومناعة القطيع حتى مع إحراز تقدم ملحوظ في اللقاحات. ولا يوجد حتى الآن دليل مقنع، بطريقة أو بأخرى، حول ما إذا كان النوع الجديد يغير مسار المرض أو يبدل استجابات المناعة. سيأخذ التأثير الاقتصادي الفوري شكل انكماش أكبر من السابق، لأن قدرة المزيد من الناس ورغبتهم في التفاعل اقتصادياً ستصبح أقل، والقيود ستصبح أكثر صرامة، ناهيك عن المخاوف الصحية المتنامية. 

يزيد هذا الركود المزدوج الأكثر وضوحاً في المملكة المتحدة من خطر «الندوب»، حيث تصبح المشكلات قصيرة الأجل عوائق هيكلية طويلة الأجل أمام استجابات العرض والطلب الديناميكية. كما سيسلط المتغير الجديد للفيروس الضوء بشكل أكبر على قضية أخرى هي تشديد القيود على السفر الداخلي وعبر الحدود للأشخاص، وربما أيضاً للبضائع.

اليوم ومع وجود أربعة مستويات من القيود في جميع أنحاء إنجلترا، ستختار الحكومة في غضون الأسابيع القليلة المقبلة بين قرار تشديد القيود داخل النظام الحالي، أو ربما فرض إغلاق ثالث على مستوى البلاد. علينا أن نرى بالمقابل كيف سيكون رد فعل البلدان الأخرى تجاه الشكل الجديد لفيروس كورونا.. هل يتبعون الإجراءات السابقة لأستراليا ونيوزيلندا ويغلقون حدودهم بشكل كامل أمام غير المواطنين؟

ما يحدث في أماكن أخرى من العالم يزيد أيضاً من تدهور التوقعات للاقتصاد العالمي على المدى القصير. فبعض البلدان التي كانت نموذجاً في طريقة إدارتها للأزمة الصحية منذ البداية، مثل ألمانيا وكوريا الجنوبية، تجد نفسها اليوم في مواجهة ظروف أكثر صعوبة.

يُقال أيضاً إن جنوب إفريقيا قد رصدت حالات من السلالة الجديدة لفيروس كورونا، ما يشير إلى أن دولاً أخرى قد تضطر إلى فرض قيود إضافية بسبب طفرة الفيروس هذه. ومع ذلك، فالدول التي كافحت أكثر، مثل الولايات المتحدة، هي في وضع أسوأ بكثير.

أكتب هذا العمود من كاليفورنيا، حيث ارتفع متوسط معدل الإصابة اليومي إلى 50 ألفاً، مع ازدياد عدد الحالات داخل المستشفيات، وعدم توفر أسرة العناية المركزة في الجزء الجنوبي من الولاية، والوفيات آخذة في الارتفاع بشكل مأساوي.

ورغم ذلك، يبدو أن هناك المزيد من الانقسام بين سكان كاليفورنيا حول كيفية رد فعل حكومات الولايات والحكومات المحلية. كما تظهر أيضاً اختلافات شاسعة في الامتثال للخطوط التوجيهية الحالية، وكل ذلك يُقوّض إمكانية حدوث ردود أفعال سياسية في الوقت المناسب مع إجراءات صحية أكثر فاعلية.

بقدر روعة الأخبار المشجعة عن اللقاحات، علينا ألا نغفل عن خطورة التوقعات الاقتصادية الفورية. وفي غياب استجابة أكثر شمولية وفي الوقت المناسب من جانب كل من القطاعين العام والخاص، فإننا نخاطر بمزيد من الضرر، المؤقت والدائم، في الرحلة المتبقية لمناعة القطيع والعودة المرتبطة بصحة عامة أفضل ومزيد من الوضع الاقتصادي الطبيعي إلى جانب التفاعلات الاجتماعية.

* كبير الاستشاريين في «أليانز»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

خبير اقتصادي وكبير المستشارين الاقتصاديين لشركة أليانز Allianz

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"