خواطر في تحديث التصوف

00:36 صباحا
قراءة دقيقتين

عبد اللطيف الزبيدي

هل هزّك العنوان، هل استفزّك؟ أرأيت إلى أيّ درك انحدر مفهوم التصوف في أذهاننا؟ هو عند الكثيرين دروشة، وما خفي أعظم. في حين لم يرتق تصوف أيّ أمّة وأيّ حضارة، إلى الذرى التي سما إليها في الحضارة الإسلامية، في التصوف النظري، والأدب العرفاني. في المكتبة العالمية عبر القرون، لا شيء يعدل مجموع أعمال محيي الدين بن عربي وشاعر الصوفية الأكبر جلال الدين الرومي. في هذا المستوى يقارن الصوفي الصيني الكبير لاو تسو بالنفري وشيخ الإشراق شهاب الدين السهروردي.

  بدل هذا العنوان، كان من الأفضل الحديث عن ضرورة إعادة المكانة إلى التصوف. لقد ظلمه العرب بأشكال شتى، أنكاها قلة الأدب الصوفي شعراً، فأغلبية الشعر العرفاني بالعربية ضعيفة لا إبداع فيها، ولا هي أعمال خالدة. لكن قضية التحديث، لا تعني إدخال عناصر حديثة على أخرى قديمة. المقصود تحديث القراءة وتطوير النظر إلى الرؤى. ما يحزّ في النفس هو أن أعظم تكريم لعرفاء الحضارة الإسلامية كان من قبل المستشرقين الألمان والإنجليز والفرنسيين والروس. غلاة العرب والمسلمين لم يقصروا في إلقاء باقات من الشتائم المحترمة. أمّا في وسائل التواصل، فحدّث ولا حرج عمّا يتفوه به الذين لا دراية لهم بالأبعاد والأعماق.

  قم بمحاولة بسيطة، اكتب في جوجل بالإنجليزية، بالفرنسية، باللغات الحيّة: التصوف الكمّي. أو التصوف وفيزياء الكوانتوم، أو الفيزياء والتصوف. ستهطل عليك سحائب محرّك البحث بحوثاً ودراسات ومقالات، لا تدع لك مجالاً للشك في ضرورة إعادة النظر إلى ميراث الحضارة الإسلامية الذي نهدم صروحه بأيدينا، لأن أغلبنا ليس في مستوى تقدير كنوزه حق قدرها. لعل القارئ يذكر المرار التي ذكر القلم فيها أن العرفاء الكبار في ميراثنا الثقافي الإسلامي، لهم تجليات تدل على أنهم فيزيائيون ولو لم يدرسوا مثقال ذرة من الفيزياء. نحن نسير نحو اتحاد عجيب للعلوم. الفيزياء، علم النفس، التصوف، سائرة نحو تناغم وتجاوب وتناظر، في الوعي، التشابك الكمومي، التخاطر. كيف عرف الذين يجب أن يعرفوا، أن ميراث التصوف أطروحات تجاوزها الزمن؟ من السذاجة العابثة أن نحكم بغير علم وبحث وتحقيق.

  لزوم ما يلزم: النتيجة القياسية: ثمة شعوب لميراثها العرفاني حبّة قياساً على جبلنا، جعلت منها قبة أشهر من طودنا.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"