مجلس التعاون وضريبة الدخل (2-2)

22:27 مساء
قراءة 3 دقائق

د. محمد الصياد

من خلال استعراضنا السابق للوضع القائم بالنسبة لضريبة الدخل (الشخصية وضريبة الشركات) في بلدان مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فإننا إذا استثنينا قطاع النفط، باعتبار أن الضرائب فيه ممارسة عالمية، واستثنائنا لضريبة القيمة المضافة والانتقائية باعتبارهما ضريبتين استهلاكيتين غير مباشرتين - فلسوف يتبين لنا، أنه باستثناء الإمارات والبحرين، فإن ضريبة الدخل هي في الواقع مطبقة بصورة جزئية في كل من، السعودية: ضريبة دخل على الشركات غير السعودية وغير الخليجية، نسبتها 20%، وضريبة زكاة 2.5% تجبى من الأفراد والمؤسسات السعودية. وعمان: ضريبة على الشركات الكبيرة نسبتها 15%، تنخفض إلى 3% على الشركات الصغيرة. والإمارات: 20% على البنوك الأجنبية. والكويت: 15% على الشركات الأجنبية.

وهكذا، نجد أن هنالك معطيات مختلفة لطبيعة ضريبة الدخل السارية في دول الخليج، معظم قواسمها مشتركة، وتحديداً فيما خص انعدام وجود ضريبة دخل على الأفراد، وبعضها الآخر يتوزع ما بين غياب ضريبة الدخل على الشركات، (الإمارات والبحرين)، ووجودها في الدول الأخرى تتراوح بين 10 إلى 20%. 

وهذا الاختلاف يعكس تغايراً في السياسات المالية المتبعة في كل دولة، والتي تأخذ بنظر اعتبارها، بالضرورة، حصيلة إيرادات الموازنات العامة لتأمين متانة الموقف المالي والإنفاقي، وتغطية العجوزات فيها؛ فضلاً عن الموقف من حزمة مناخ جاذبية الاستثمار الأجنبي.

فهل يحتاج الأمر إلى نوع من تنسيق السياسات المالية كي لا يكون هنالك تفاوت في الإغراءات الضريبية يحسب على جانب التنافس قبالة جانب التكامل؟

تجربة الاتحاد الأوروبي في هذا المجال، ليست جيدة، خصوصاً أننا نتحدث عن مستوى رفيع جداً من التكامل الاقتصادي الذي يشمل السياستين النقدية والمالية؛ فميثاق الاستقرار والنمو لمنطقة اليورو، الذي يشكل الإطار المؤسسي للسياسة المالية لبلدان منطقة اليورو، لم ينجح في موازنة السياسات المالية للبلدان الفردية، بسبب تغاير الاتجاهات الاقتصادية المتباينة مالياً، ما عكس نفسه على متانة السياسة النقدية الموحدة.

وبمعنى من المعاني، فإن هذا يعني صعوبة تأطير السياسة المالية للبلدان الأعضاء في مجلس التعاون، في ضوء التفاوت الحاصل في الطاقات والإمكانيات التي تشكل الوسادة المريحة للتدفقات المالية الداخلية للموازنات العامة لكل منها. إنما التنسيق مطلوب، من أجل تقليص الفوارق في المستويات الكمية لتطبيقات السياسة المالية لكل منها. وهذا ينطبق بطبيعة الحال على ضريبة الدخل، (الشخصية أو  الخاصة بالشركات)، في حال دفعت ظروف مستجدات الماليات العامة لبلداننا الخليجية، لاتخاذ قرار بشأن العمل بها، وذلك من أجل المحافظة على جوهر فلسفة وأهداف التعاون والتكامل التي تنحو، ضمن أحد أبعادها، لمقاربة مستويات النمو والتوسع الاقتصادي بينها. 

وقد يكون أحد المداخل الأساسية لهذا التنسيق، الاتفاق على المقاربة المعتمدة بهذا الصدد، ولتكن في صورة النظام الضريبي الأكثر اعتماداً في الدول المتقدمة، وهو نظام الضريبة التصاعدية؛ وهو نظام يقضي بفرض معدل ضريبي منخفض على أصحاب الدخل المنخفض مقارنة بأصحاب الدخل المرتفع، ما يجعل معيار هذا النظام، هو مدى قدرة الأفراد والمؤسسات على دفع الضريبة على مداخيلهم. وإلى ذلك نضيف، تذكيراً، بأن فرض ضريبة الدخل سيؤثر في حزمة مناخ الاستثمار. لذا يجب أن نتوخى إيجاد نظام ضريبي شفاف في حدود المعقول، تحدده الإدارات المعنية بالسياسات المالية في الدول الأعضاء في مجلس التعاون.

* كاتب بحريني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"