صادق ناشر
ما إن بات الشعور في كثير من دول العالم بأن وباء «كورونا» على وشك السيطرة عليه، بعد أشهر من المعاناة، حتى تبدل هذا الشعور بالقلق؛ إثر المعلومات القادمة من بريطانيا، التي تفيد بأن سلالة جديدة من الفيروس بدأت بالظهور من جديد؛ ما دفع رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون إلى إعلان إغلاق شامل للبلاد لأسابيع، إضافة إلى إلغاء احتفالات أعياد الميلاد في بعض المناطق، فيما حذر وزير الصحة من أن الإغلاق المشدد، الذي يشمل العاصمة لندن، قد يستمر لعدة أشهر؛ بهدف مجابهة السلالة الجديدة من الفيروس، التي وصفها بأنها «خارجة عن السيطرة».
ما يمنح الموضوع خطورة أكبر، تلك المعلومات التي أدلى بها مسؤولون صحيون، مفادها أن السلالة الجديدة أظهرت أن المصابين بها لديهم «كتل فيروسية أكبر» وهو ما يعني أن معدل نقلهم للعدوى أكبر من السابق.
الخطط البريطانية الجديدة أثرت في خطط الملايين من السكان التي وضعت للاحتفالات؛ لكنها تبدو ضرورية؛ لمواجهة مخاطر انتشار الفيروس، فيما أعلنت دول عدة إغلاق حدودها مع بريطانيا؛ تخوفاً من انتشار الفيروس المتحور، والعودة إلى مرحلة الإغلاق الشامل، كما حدث قبل عدة أشهر.
كان لافتاً أن عدداً من الدول الأوروبية شهدت زيادة كبيرة في أعداد المصابين بالفيروس، على الرغم من طرح الكثير من الشركات لقاحات للوقاية منه؛ بل إن دولة مثل ألمانيا، التي كانت من الأقل أوروبياً وعالمياً في الإصابة بالفيروس، سجلت ارتفاعاً ملحوظاً بعدد الإصابات والوفيات، الأمر الذي يطرح تساؤلات عن قدرة العالم على الخروج من هذه الأزمة التي أثرت في كافة مناحي الحياة.
المشهد الصحي في بريطانيا فاجأ الكثير من المراقبين، خاصة وأنها كانت من أوائل الدول التي بدأت في تطعيم مواطنيها باللقاح الجديد؛ لكن الوباء المتحور أعاد الأمور إلى الوراء قليلاً، على الرغم من أن الكثير من الجهات الصحية، بما فيها منظمة الصحة العالمية، ترى أن مرحلة الخطر قد بدأت بالزوال، وأن ما نعيشه اليوم هو ذيول الوباء، خاصة وأن دولاً عدة بدأت باستخدام اللقاح، وفتحت أجواءها البرية والبحرية والجوية، وبدأت بالعودة التدريجية للاقتصاد.
ويبدو أن الجهات الصحية في مختلف دول العالم لم يعد لديها أي خيار إلا الاستمرار في مجابهة خطر الوباء الجديد؛ من خلال خطة توسيع إعطاء اللقاح للناس؛ لأن الهدف لا يقتصر على مواجهة الوباء في المرحلة الحالية؛ بل يتعدى الأمر إلى ما هو أبعد من اليوم، خاصة في ظل عدم التيقن من انحسار الفيروس خلال مدة زمنية قصيرة، بعدما ألحق ضرراً بالغاً في حياة الناس وفي اقتصادات الدول، خاصة منها الفقيرة.
