أوروبا وضرورة الاتحاد

00:35 صباحا
قراءة 3 دقائق
1

عن «اللوموند»

نتائج اجتماع المجلس الأوروبي في 10 و11  ديسمبر/كانون الأول، كانت غير كاملة، مثل أي حل وسط، ولكنها جعلت من الممكن رفع الحظر عن خطة التعافي التاريخية، مع إنشاء آلية مشروطة مع سيادة القانون.

هل كان من المعقول أن تحتجز دولتان خمساً وعشرين دولة آخرى كرهائن، مما عرقل خطة تحفيز تاريخية في وقت غرقت فيه أوروبا في أزمة صحية كبيرة، مع عواقب اقتصادية لا حصر لها؟

الإجابة لا. لذلك ساد العقل والمسؤولية في القمة التي جمعت في بروكسل، يومي الخميس 10 والجمعة 11 ديسمبر، سبعة وعشرين رئيس دولة وحكومة من الاتحاد الأوروبي. لقد رفعت بولندا والمجر حق النقض بعد الموافقة على حل وسط اقترحته ألمانيا، التي تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي حتى نهاية العام. وقد قبل زعماء الدول الأعضاء الخمسة والعشرين الأخرى بدورهم هذا الحل الوسط.

 وبالتالي، يمكن إطلاق خطة الإنعاش، المرفقة بالميزانية متعددة السنوات، اعتباراً من عام 2021، بإجمالي غير مسبوق يبلغ 1800 مليار يورو، بعد موافقة البرلمانات الوطنية. إنها خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة لأوروبا، بعد ستة أشهر على اعتماد هذه الخطة، وهي استثنائية من حيث الحجم والطبيعة، لأنها تخلق، لأول مرة، ديناً مشتركاً بمعنى أن أوروبا الآن أصبحت أكثر تضامناً أيضاً وحققت نقلة نوعية كبيرة.

 وهذه ليست النتيجة الوحيدة لهذا المجلس الأوروبي. فعشية الذكرى الخامسة لاتفاقية باريس للمناخ، تعهدت الدول السبع والعشرون بتخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة «55% على الأقل» بحلول عام 2030 مقارنة بالمستوى في العام 1990، ومقارنة ب 40% سابقاً، وذلك من أجل تحقيق مبدأ الحياد الكربوني في عام 2050.

 كما تغلبت الدول السبعة والعشرون بجهد كبير على انقساماتها لتقرر معاقبة «الأعمال العدوانية وغير القانونية» لتركيا في البحر المتوسط. وهنا مرة أخرى، كان القرار نتيجة حل وسط، أي دون العقوبات التي كانت تتطلع إليها باريس، ولكن وراء المعارضة الأولية من قبل العديد من الدول الأعضاء، بما في ذلك ألمانيا. أنقرة، على أي حال، وجدت الرسالة واضحة بما يكفي لوصف المبادرة بأنها «أحادية الجانب وغير شرعية».

 ولم يتم اتخاذ أي من هذه القرارات بسهولة. كما لا تعتبر أي من هذه الحلول الوسط مرضصية تماماً أو طموحة بدرجة كافية. ولكن هكذا تتقدم أوروبا بدولها السبعة والعشرين من خلال النقاش والتفاوض والتسوية. وإذا نجح قادتها في المضي قدماً خلال هذا العام الصعب بشكل خاص، فذلك لأنهم أدركوا الضرورة المطلقة للاتحاد.

 هذه الضرورة هي التي دفعت وارسو وبودابست إلى الاستسلام، في مواجهة احتمال استبعاد شركائهم الخمسة والعشرين من خطة التحفيز. ويستطيع فيكتور أوربان، رئيس الوزراء المجري، أن يدعي دائماً أنه وفر «الحس السليم» بحجة أن التسوية المتفق عليها تتيح له توفير الوقت. وتبقى الحقيقة أن الآلية التي تربط تخصيص الأموال الأوروبية باحترام القانون من خلال الدول الأعضاء قد تم تفعيلها. وحتى لو كانت ناقصة، فقد تم تأسيسها الآن، وفرضها البرلمان الأوروبي ولا مفر منها سياسياً.

 وحقيقة أن رئيس الوزراء البولندي، ماتيوز مورافيتسكي، واجه انتقادات شديدة من جناحه اليميني عند عودته إلى وارسو، حيث ضعفت حكومته بسبب هذه الأزمة وتعبئة المجتمع المدني، تظهر أن بولندا والمجر المعزولة لم تنجحا.

 ويجب أن يأمل القادة الأوروبيون أن يتشاركوا أيضاً بالسبب الذي ساد نهاية هذا الأسبوع الحاسم في التحدي الآخر الذي يواجههم الآن: وهو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي..

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

صحيفة لوموند

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"