توترات إفريقيا الوسطى

00:27 صباحا
قراءة دقيقتين

فيصل عابدون

تثير التطورات الراهنة على المشهد السياسي والعسكري في إفريقيا الوسطى قلقاً متزايداً على مصير الانتخابات الرئاسية والعامة والمحلية المقررة الأحد المقبل، في ظل هشاشة الوضع السياسي والأمني في هذه الدولة المنكوبة بالنزاعات الأهلية والحروب.

والاستحقاق الرئاسي والتشريعي الذي يقترب موعده هو جزء من اتفاق السلام الذي وقعته الأطراف المتنازعة في العاصمة السودانية في فبراير من العام الماضي وهو يقضي ضمن بنود أخرى بنزع سلاح الميليشيات المتصارعة وتوفير مناخ ملائم لإكمال العملية السياسية وصولاً الى إجراء الانتخابات.

وعلى الرغم من أن اتفاق الخرطوم هو الأخير في سلسلة اتفاقات ومعاهدات متعددة تهدف لوقف العنف الدامي واستعادة الاستقرار، إلا أن البنود الأهم في الاتفاق لم تتحقق على الأرض. فالجماعات المسلحة والميليشيات لا تزال موجودة ولم تجر أي عملية لتفكيكها وهي تسيطر فعلياً على أكثر من 60 بالمئة من مساحة البلاد وعلى الطرق الحيوية المحيطة بالعاصمة.

وفي مطلع الأسبوع الماضي اتهمت حكومة إفريقيا الوسطى الرئيس السابق فرنسوا بوزيزيه بتدبير «محاولة انقلاب»، بعد الإعلان عن اندماج المجموعات المسلحة الثلاث الكبرى، بهدف الزحف نحو العاصمة بانغي قبل إجراء الانتخابات.

وبوزيزيه الذي وصل إلى السلطة في انقلاب عسكري في 2003، قبل أن يطيحه بدوره بعد 10 سنوات تحالف مجموعات سيليكا المسلحة، أعلن في وقت سابق ترشحه للرئاسة. لكن المحكمة الدستورية أبطلت ترشيحه باعتبار أنه لا يزال خاضعاً لعقوبات دولية لاتهامه بدعم مجموعات مسلحة مسؤولة عن ارتكاب «جرائم حرب».

والوضع العسكري شديد التعقيد والتشابك مع وجود قوات حفظ السلام الدولية والوجود العسكري الفرنسي المستقل عنها إضافة الى التقارير عن انتشار وحدات روسية في إطار صراع النفوذ الفرنسي الروسي الذي برز برأسه مؤخراً، وإعلان حكومة رواندا المجاورة نشر وحدات عسكرية إضافية «لحماية» قواتها الموجودة على أراضي إفريقيا الوسطى.

وإفريقيا الوسطى هي البلد الذي يطلق عليه كثير من المحللين تسمية «جمهورية التمرد»، وخلال السنوات القليلة الماضية حدث تحول كبير في بنية الميليشيات المسلحة التي أصبحت تجند أنصارها وتتصارع في ما بينها على أساس طائفي. وهي من نوع الصراعات التي يصعب كثيراً التحكم بها واحتواؤها من دون تكاليف باهظة وعلى فترة زمنية طويلة.

ومع اقتراب موعد الاقتراع في ظل التهديدات الأمنية الوشيكة شدد رؤساء الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا وقادة الاتحاد الأوروبي لهجتهم إزاء زعيم الميليشيات والرئيس السابق للبلاد فرنسوا بوزيزيه. وحذرت المجموعة من مغبة عرقلة الانتخابات المقررة. وأكدوا على إدانة كل المناورات ومحاولات انتهاك الدستور وإدخال البلاد في مرحلة انتقال سياسي جديدة.

وبينما يتحول الوضع العسكري والمتعدد الاتجاهات والأهداف، الى مشهد شديد الغرابة ويفتقر الى الحد الأدنى من التنسيق الضروري، تبقى عملية الاقتراع التي يدعو لها المجتمع الدولي أملاً بعيد المنال. وعلى الرغم من تحذيرات المجموعة الدولية من الدخول في مرحلة انتقالية جديدة إلا أن الراجح أن تتوصل الأطراف الى اتفاق سياسي يتم بموجبه تأجيل الانتخابات بانتظار التوصل الى تفاهمات جديدة بين الأطراف المتصارعة يمكن أن تخلق مناخات أكثر ملاءمة لاستعادة الاستقرار وإكمال العملية الانتخابية بنجاح.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"