ثرثرة استشرافية 2021

00:32 صباحا
قراءة دقيقتين

عبد اللطيف الزبيدي

من أين يمكن أن تشرق شمس مراكز الاستشراف، حتى نتخلص من تراجيكوميديا التنجيم والافتراء على الفلك؟ يبدو أنه لم تبق في الأرض مساحة سمّ خياط للخداع، فراح المنجمون يتقولون على النجوم والكواكب. لو كان لعطارد أو زحل قدرة على التدخل في معيشة الناس، لكان أحرى به السعي على مدى مليارات السنين، إلى تفجير ينبوع ينبت به بكتيريا تنمو وتتطور، ثم تأتي سلالات تتفتق قريحتها على تأليف خيال علمي ساذج يدع الناس يتوهمون أن الكواكب والنجوم كالدول العظمى محيطة بأسرار البشرية.

 السؤال عن غياب الاستشراف ومراكزه، لا محل له من الإعراب. هذا مثل توجيهك لوماً إلى قوم يعيشون في الجبال، قائلاً: ما لكم لا تربون الأسماك؟ أنت تريد مراكز دراسات استشرافية، بينما لا وجود لأرضية تربوية تعليمية ولا أكاديمية يقوم عليها البحث العلمي. البحوث الاستشرافية هي من أصعب الصعب. خذ مثلاً: نحن الآن في نهاية 2020، هل يدلنا أحد على مطبوعة بحوث ودراسات في علم الاجتماع، في السياسة، الاقتصاد، علم النفس، التاريخ.. كانت للعرب سراجاً كشافاً في ظلمات العصر منذ 1820؟ حتى إذا ظهرت بمعجزة أو بسوء تقدير استثماري، كانت كسعف النخيل الجاف، سريع الاشتعال، سريع الانطفاء. حتى أرقى مستوى علمي منهجي لا يلقى رواجاً ولا ابتهاجاً.

 في المقابل، لو أطلق أحد الضالين إعلامياً مطبوعة عبارة عن غابة من أباطيل الحيف وأحابيل الزيف، لصارت في وسائط الإعلام كالزيت فوق الماء. سيعترض أحدهم ولسانه سيف بتّار، غير أنه لن يغيّر من الحقيقة شيئاً، فالعالم العربي الذي يدع عدد الأميين يجاوز الثمانين مليوناً، ولعله يناطح المئة، لا تستغرب منه مجافاة العقل والعقلانية. هل القلم هو الذي اخترع قصص ضرب البسطاء ضرب غرائب الإبل على رؤوسهم وجنوبهم لإخراج الجن؟ كم جنايات أدت إلى الوفاة؟ حين تكون فئات من الشعوب في هذا المستوى، يكون الزمن والعصر مسألة نسبية. لا أقل من القرون الوسطى، فعن أي بحث علمي ومراكز استشراف مستقبلي نتحدث؟ ما يحدث للعالم العربي برهان قاطع على أنه في غيبوبة حضارية، بيات شتوي في زمن متحول متغيّر.

  لزوم ما يلزم: النتيجة الواقعية: العنوان تحدث عن ثرثرة، لا عن بحث استشرافي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"