عامان على حراك السودان

00:26 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

بعد مرور سنتين على الثورة السودانية، لا تزال البلاد تطمح لتحقيق المزيد من الأهداف، على الرغم ممّا حققه «حراك الخبز» من نتائج مهمة، كإسقاط نظام عمر البشير الذي جثم 30 عاماً على صدور السودانيين، ثم تشكيل حكومة انتقالية قادت إلى تنفيذ إصلاحات معقولة، تبعها مصالحات مع الحركات المسلحة لإخراج البلاد من حالة الحرب التي نهشتها وأوصلتها إلى طريق مسدود، وصولاً إلى رفع الولايات المتحدة اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب.

 التظاهرات التي انطلقت في ديسمبر  2018 احتجاجاً على ارتفاع الأسعار ونقص الغذاء والوقود، بلغت ذروتها في نهاية المطاف بالإطاحة بالنظام الحاكم ومعظم أزلامه وتم حظر حزبه، لكن وبعد مرور عامين على انطلاق شرارة الثورة، فإن السودانيين ما زالوا يطمحون بأن يتم تبني كل أهدافها، فالآلاف خرجوا في مدن عدة إحياء لذكرى حراكهم، ولوضع الحكومة أمام مهامها الثقيلة، مطالبين بتسريع التغيير، وتحقيق قفزات على الأرض، وإنعاش الاقتصاد، ودعم الحالة المعيشية التي تأثرت بفيروس «كورونا» الذي فتك بالسودانيين.

 وعلى الرغم من تعدد العقبات أمام السودان؛ فإن شعبه ما زال يتطلع إلى بناء غد أفضل، بعد مسار طويل ودموي، سقط في طريقه مئات الضحايا، الذين أرادوا المضي بالبلاد إلى بر الأمان تحت ظل ديمقراطية، تحمل مشعل النهضة وتسير به إلى الأمام.

 وكانت الانتفاضة السلمية التي قادها شباب السودان نحو تغيير شامل في المؤسسات والمجتمع السوداني، قد نجحت في تشكيل مجلس سيادي، يشرف على فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات قبل إجراء الانتخابات، كما جرى تعيين عبدالله حمدوك رئيساً للوزراء وهو اقتصادي يحظى باحترام كبير في الداخل والخارج، ثم بعدها إعلان تشكيل مجلس وزراء مدني لإدارة الفترة الانتقالية في خطوة مهمة حملت معها آمالاً كبيرة في اتخاذ إجراءات قد تخفف من المأزق الاقتصادي للبلاد الذي أشعل التظاهرات.

 ثم أعلنت الحكومة عن قائمة تضم عشر أولويات تشمل معالجة أزمات الاقتصاد، ومحاربة الفساد، وإنهاء العديد من النزاعات طويلة الأمد، كما حافظت على المطالب التي رفعت خلال التظاهرات، ونجحت أيضاً في تحقيق الكثير من وعودها، عبر تعزيز دور المرأة، وملاحقة الفاسدين، والسعي الحثيث نحو بناء اقتصاد مؤسساتي حر مدعوم من القوى العالمية التي كانت في السابق تضع السودان تحت مجهر الريبة بتهمة دعمه للإرهاب. ولكن لا تجري الرياح بما تشتهي السفن دائماً ولا بد من عثرات، فالمرض «الخبيث» حطم العديد من الآمال، وأصاب عصب الاقتصاد، في ظل تضخم وصل إلى ما يقرب 200%.

 وكان توقيع اتفاق جوبا مع الجماعات المتمردة في النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور وتقاسم السلطة معها أبرز أوجه النجاح، وأعطى الحكومة متسعاً من الوقت لتنظيف الجيش من فلول النظام السابق، كما زاد الثقة بالبلاد لجذب المستثمرين.

 لكن وعلى الرغم من العثرات والمشكلات الجمة التي تحيط بالسودان، فإن ثمة مبشرات كثيرة تعيد للبلاد مكانتها وهيبتها، فهي على الأقل تسير على طريق التقدم الذي صدحت حناجر الشعب للمطالبة به.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"