لؤلؤة الإعلام في كل الأزمان

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

مهما تطور بنا الزمن، ومهما تغيرت الوسائل التي ينقل بها الخبر للناس، وأياً كانت الأشكال التي تم ابتكارها من أجل خلق فضاءات أوسع لتبادل الأخبار ونشر المعلومات، منذ هدهد  النبي سليمان وحتى ما بعد يومنا هذا، تبقى «المصداقية» هي الجوهر والركيزة التي من المفترض أن تبنى عليها مبادئ الإعلام أياً كانت وسائله أو أدواته. 
في منتدى الإعلام العربي الذي تابعنا دورته ال 19 أمس، والذي نظمه نادي دبي للصحافة افتراضياً، بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، تعددت المواضيع التي تركزت على القضايا التي يواجهها الإعلام اليوم، لكن النقطة الجامعة التي تبقى هي الأساس الذي ندور حوله هي «المصداقية» في نقل المعلومة والخبر، وفي تحمل المسؤولية، والقدرة على التمييز بين ما هو حقيقي وما هو مفبرك، خصوصاً وأننا في زمن اتساع دائرة، ليس فقط المتطفلين على المهنة والدخلاء ومن ينصبون أنفسهم «إعلاميين» وهم مجرد مفبركين لأخبار وناشرين لها، بل أيضاً تنوع الوسائل التي يتم تداول الأخبار من خلالها و«الغرف» التي تتم فبركة الأحداث فيها. 
التواصل الاجتماعي ساعد الإعلام في زيادة سرعة نقل الخبر والوصول في ثوانٍ إلى مختلف بقاع الأرض، لكنه زاد أيضاً من سهولة الترويج للشائعات وإعادة نشرها من قبل الناس باعتبارها خبراً مؤكداً، ودائماً يكون المصدر مجهولاً. 
صارت المصداقية كاللؤلؤة التي تحتاج إلى الغوص في الأعماق كي تحصل عليها، وهي الوحيدة القادرة على التمييز بين الإعلام المسؤول والمدعي. وهي القادرة على صون المهنة من الانحدار أو الانهيار أو الاندثار. 
اللؤلؤة تميز بين إعلامي محترف وصادق، وإعلامي «كاذب»، كل هدفه الوصول إلى أعلى نسب من المتابعة؛ بعد أن أصاب الهوس بالأرقام الناس وطال بسهامه وسائل إعلامية وضعته في المركز الأول في قائمة اهتماماتها، وكأنه صار من ضمن لائحة المبادئ التي تأسس عليها الإعلام منذ زمن. 
لائحة المبادئ لا تتغير، والمفترض أنها الركيزة المستمرة حتى ما لا نهاية، والقيم في الإعلام من الثوابت الراسخة، والمصداقية لن تكون سوى الجوهر الذي يلف حوله الجميع، ولا يحصل عليه ويتمسك به سوى المتمسك بالأصالة والعارف بأصول المهنة، والمتطلع إلى التطوير ومجاراة العصر وفق لغته ووسائله الحديثة. فالمصداقية قادرة على الانتقال معنا عبر الأزمان، والتطور لا يعني أبداً التخلي عنها أو التغاضي عن التمسك بها أياً كانت الظروف وأياً كان الهدف.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"