«بوكو حرام» تزداد إجراماً

00:22 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

حولت «بوكو حرام» الإرهابية غربي إفريقيا، إلى مسلخ، تنفذ فيه أبشع الجرائم ضد الإنسانية؛ فالجماعة التي يعني اسمها «التعليم الغربي حرام»، والتي نشأت في يناير/كانون الثاني عام 2002 على يد شاب نيجيري، كانت الذراع الضاربة لتنظيم «القاعدة»، لتنضوي لاحقاً تحت عباءة «داعش» الأشد إجراماً وفتكاً. أما عملياتها فكانت عابرة للحدود، ولم تقتصر على دولة بعينها في القارة السمراء، إلا أنها مع ذلك ركزت هجماتها في نيجيريا بصفة خاصة؛ حيث كانت شاهدة على الفكر الدموي الذي يقود العصابة.

في الآونة الأخيرة، تجاوزت الجماعة الخطوط الحمراء، فإجرامها اللامحدود لم يقتصر على تنفيذ عمليات ضد الجيش ورجال الأمن؛ بل وصل إلى التفنن بسفك دماء المدنيين، في ظاهرة تؤكد أن الحركة ليست صاحبة هدف أو رؤية؛ إذ إن كل ما ترمي إليه هو التلذذ بالدماء فقط، وإيجاد حالة من عدم الاستقرار في المنطقة، ففي أواخر الشهر الماضي ذبحت الجماعة 110 مزارعين كانوا يعملون في حقول الأرز، وهذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها إرهابيو «بوكو حرام» المزارعين، ففي أكتوبر ذبحوا في هجومين منفصلين نحو 22 مزارعاً، كانوا يعملون في ذات المنطقة شرقاً. 

فاشية «بوكو حرام» لا تقف عند هذا الحد؛ إذ إنها تتبع منهجاً إجرامياً؛ حيث تقوم باقتحام المدارس، واختطاف مئات الطلاب كما حدث قبل أيام، وهذا الأسلوب ليس جديداً ففي إبريل/نيسان 2014 قامت الجماعة باختطاف 276 فتاة من مدرسة ثانوية بمدينة غووزا شمالي البلاد، وتجد الجماعة المتطرفة في هذا الأسلوب تجارة رابحة، ومصدراً رئيسياً للتمويل؛ حيث يتم استخدام المختطفين في المقايضة مع الحكومة؛ لإطلاق سراحهم مقابل مبالغ مالية ضخمة، أو إجراء عملية تبادل مع عناصرها المقبوض عليهم.

وبحسب تقرير مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2020، ُصنفت نيجيريا كثالث دولة لديها أسوأ تأثير من الجرائم الإرهابية على مستوى العالم؛ إذ إن مسلحي تلك الجماعة يستمرون في تنفيذ العشرات من العمليات الإرهابية التي تتنوع بين القتل والذبح والاختطاف، من دون تفرقة بين أحد، كما أن إرهاب «بوكو حرام» امتد أيضاً إلى تشاد والنيجر وشمال الكاميرون، وتسبب في مقتل أكثر من 30 ألف شخص، على أقل تقدير.

وعلى الرغم من تلقي الجماعة مجموعة من الضربات الموجعة، فإنها في كل مرة تزداد شوكتها، مستغلة فقدان الحكومات السيطرة على مساحات شاسعة، كما أنها تعمل على إذكاء الصراعات الإثنية؛ لزيادة نفوذها؛ لذا فإن محاربتها واستئصال شأفتها ليست معجزة إذا تم التنسيق إفريقياً لمحاصرتها وإنهائها، ومنع الأسباب التي تستخدمها في جذب المنتسبين.

«بوكو حرام» كغيرها من جماعات الفكر المتطرف تجد في المناطق المهملة والفقيرة بيئة خصبة لنشر أفكارها والتغرير بالشباب؛ لذا لا بد من مواجهتها؛ عبر تنمية كبيرة في المناطق المهمشة، ثم نشر الوعي بخطورة الجماعة. وهاتان الخطوتان لا تقلان أهمية عن التحركات العسكرية والتنسيق المشترك وتبادل المعلومات بين الدول للقضاء على الفكر المتطرف الذي يماثل «كورونا» بخطورته إن لم يكن يزيد عليها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"